ونتيجة البحث عن هذه المسألة عدة أمور:
الأول: أن الوجوب إذا نسخ فلا دليل على بقاء الجواز بالمعنى الأعم أو الأخص، بل قد عرفت أن الوجوب ليس مجعولا شرعيا، والمجعول الشرعي إنما هو نفس الاعتبار القائم بالمعتبر (1)، ومعنى نسخه: هو انتهاء ذلك الاعتبار بانتهاء أمده، فإذا لا معنى للبحث عن هذا، ولا موضوع له.
الثاني: أن ابتناء النزاع في المسألة على النزاع في إمكان بقاء الجنس بعد ارتفاع الفصل وعدم إمكانه باطل، فإن الحكم حيث إنه أمر اعتباري بسيط في غاية البساطة فلا جنس له ولا فصل.
الثالث: أنه بناء على ما ذكرناه فلا مجال للتمسك بالاستصحاب في المقام، مضافا إلى أنه من الاستصحاب في الحكم الكلي من ناحية، ومن القسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي من ناحية أخرى.
* * * الواجب التخييري قد اختلف العلماء فيه إلى عدة آراء ومذاهب:
المذهب الأول: أن الواجب هو ما يختاره المكلف في مقام الامتثال مثلا، ففي موارد التخيير بين القصر والتمام لو اختار المكلف القصر - مثلا - فهو الواجب عليه، ولو عكس فبالعكس، وهذا المذهب لسخافته تبرأ منه كل من نسب إليه، ولذا ذكر صاحب المعالم (قدس سره): أن كلا من الأشاعرة والمعتزلة نسب هذا المذهب إلى الآخر وتبرأ منه (2).
وكيف كان فلازم هذه النظرية هو: أن الواجب يختلف باختلاف المكلفين، بل باختلاف حالاتهم، فلو اختار أحدهم - في المثال المزبور - القصر في مقام الامتثال والآخر التمام فالواجب على الأول هو القصر واقعا، وعلى الثاني هو