نعم، قد عرفت أن الصيغة مصداق للبعث والطلب ونحو تصد إلى الفعل، فإن البعث والطلب قد يكونان خارجيين وقد يكونان اعتباريين، فصيغة الأمر أو ما شاكلها مصداق للبعث والطلب الاعتباري لا الخارجي، ضرورة أنها تصد في اعتبار الشارع إلى إيجاد المادة في الخارج وبعث نحوه، لا تكوينا وخارجا كما هو واضح.
ونتيجة ما ذكرناه أمران:
الأول: أن صيغة الأمر وما شاكلها موضوعة للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفساني، وهو اعتبار الشارع الفعل على ذمة المكلف، ولا تدل على أمر آخر ما عدا ذلك.
الثاني: أنها مصداق للبعث والطلب، لا أنهما معناها.
وأما الكلام في الثاني: فالأمر أيضا كذلك عند النقد والتحليل، وذلك ضرورة أنا إذا حللنا النهي المتعلق بشئ تحليلا علميا لا نعقل له معنى محصلا ما عدا شيئين:
أحدهما: اعتبار الشارع كون المكلف محروما عن ذلك الشئ باعتبار اشتماله على مفسدة ملزمة وبعده عنه.
ثانيهما: إبراز ذلك الأمر الاعتباري في الخارج بمبرز: كصيغة النهي أو ما يضاهيها. وعليه، فالصيغة أو ما يشاكلها موضوعة للدلالة على إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني، لا للزجر والمنع. نعم، هي مصداق لهما.
ومن هنا يصح تفسير النهي بالحرمة باعتبار دلالته على حرمان المكلف عن الفعل في الخارج، كما أنه يصح تفسير الأمر بالوجوب بمعنى الثبوت باعتبار دلالته على ثبوت الفعل على ذمة المكلف، بل هما معناهما لغة وعرفا.
غاية الأمر [أن] الحرمة مرة حرمة تكوينية خارجية كقولك: الجنة - مثلا - محرمة على الكفار، ونحو ذلك، فإن استعمالها في هذا المعنى كثير عند العرف، بل هو أمر متعارف بينهم.