الثاني: أن النسبة بالعموم من وجه إنما تعقل بين عنوانين عرضيين وعنوان عرضي وعنوان ذاتي مقولي. وعليه، فلا مانع من انطباق عنوان الغصب والإفطار على شئ واحد في مورد الاجتماع، فعندئذ لو تعلق الأمر بأحدهما كالإفطار - مثلا - والنهي بالآخر كالغصب فلا محالة تقع المعارضة بينهما في مورد الاجتماع، لاستحالة أن يكون شئ واحد مأمورا به والمنهي عنه معا.
وأما الصورة الثانية - وهي: ما إذا كان منشأ انتزاع كل منهما مغايرا لمنشأ انتزاع الآخر - فلا مانع من القول بالجواز، لفرض أن التركيب بينهما في مورد الاجتماع انضمامي، فيكون مصداق المأمور به غير مصداق المنهي عنه، ومعه لا مناص من القول به بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من متعلقه إلى مقارناته الوجودية.
ومثال ذلك: الإفطار في المكان المغصوب بمال مباح أو مملوك له، فإن عنوان الإفطار هنا منتزع من شئ، وعنوان الغصب من شئ آخر مباين له، حيث إن الأول منتزع من الأكل الموجود في الخارج، والمفروض أنه ليس تصرفا في مال الغير ليكون منشأ لانتزاع عنوان الغصب ومصداقا له. والثاني منتزع من الكون في هذا المكان، فإنه مصداق للتصرف في مال الغير ومنشأ لانتزاعه. وعليه، فلا يلزم من اجتماع هذين العنوانين في مورد لزوم كون شئ واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا، لفرض أن المأمور به غير المنهي عنه بحسب الوجود الخارجي، فلا يعقل كون التركيب بينهما اتحاديا، غاية الأمر: أن وجوده في هذا المورد ملازم لوجود المنهي عنه. وقد عرفت غير مرة أن الحكم لا يسري من الملازم إلى الملازم الآخر، وعليه، فلا مانع من القول بالجواز في مثل هذا المثال أصلا.
نعم، عنوان الغاصب والمفطر منطبقان على شخص واحد في مورد الاجتماع، إلا أنهما أجنبيان عن محل الكلام رأسا، فمحل الكلام في عنواني: الغصب والإفطار، والمفروض أنهما لا ينطبقان على شئ واحد هنا كما عرفت.