أنه واحد وجودا وماهية. ومن المعلوم استحالة تعلق الأمر والنهي بشئ واحد حتى على مذهب من يرى جواز التكليف بالمحال كالأشعري فضلا عن غيره، لفرض أن نفس هذه التكليف محال.
وقد ذكرنا سابقا: أن القائل بالجواز إنما يقول به بدعوى أن المجمع متعدد وجودا وماهية، وأن ما ينطبق عليه المأمور به غير المنهي عنه خارجا، وأما إذا كان المجمع واحدا كذلك فلا يقول أحد بجواز الاجتماع فيه حتى القائل بالجواز في المسألة، وبما أن المعروض للعنوانين الاشتقاقيين في مورد الاجتماع واحد وجودا وماهية فلا محالة يخرج عن محل البحث في هذه المسألة، ضرورة أنه لم يقل أحد بجواز الاجتماع فيه حتى القائلين بالجواز، بل يدخل في باب المعارضة، وتقع المعارضة بين إطلاق دليل الأمر وإطلاق دليل النهي، فلابد - عندئذ - من رفع اليد عن إطلاق أحدهما لمرجح إن كان، وإلا فيسقطان معا.
ومن هنا لم نر، أحدا من الفقهاء - فيما نعلم - ذهب إلى دخول ذلك في محل البحث في هذه المسألة، بأن يبني على جواز اجتماع الأمر والنهي فيه على القول بالجواز فيها.
والوجه فيه: ما أشرنا إليه آنفا: من أن القائل بالجواز يدعي تعدد المجمع في مورد الاجتماع وجودا وماهية، ومع وحدته لا يقول بالجواز أصلا، ولذا قلنا سابقا: إن مرد البحث في هذه المسألة إلى البحث عن وحدة المجمع في الواقع والحقيقة وتعدده كذلك.
وعلى الجملة: فلا إشكال في خروج العناوين الاشتقاقية عن محل البحث والكلام، فإن جهة الصدق فيها حيث إنها تعليلية فلا محالة يكون المجمع واحدا في مورد الاجتماع. ومن المعلوم استحالة تعلق الأمر والنهي بشئ واحد، سواء فيه القول بالجواز أو الامتناع في مسألتنا هذه.
مثلا: إذا ورد الأمر بإكرام العلماء وورد النهي عن إكرام الفساق وفرضنا انطباق هذين العنوانين على شخص واحد كزيد - مثلا - فإنه من جهة كونه عالما