في تطبيقه على هذا الفرد، لا من قبل الشرع، ولا من قبل العقل فله الخيار في التطبيق على هذا أو ذاك، ولكن حيث إن تطبيقه على خصوص هذا الفرد في المقام مزاحم لامتثال الواجب الآخر ومستلزم لتركه فلا يجوز بحكم العقل، بل هو ملزم بتطبيقه على غيره لئلا يزاحم الواجب كما هو واضح. وتمام الكلام في ذلك قد تقدم في بحث الضد فلاحظ.
وأما المورد الثاني فقد تقدم الكلام فيه أيضا بصورة واضحة في بحث الضد، وقلنا هناك: إن أمثال هذا المورد داخلة في كبرى باب التعارض دون باب التزاحم، فراجع، ولا حاجة إلى الإعادة.
ونتيجة ما ذكرناه هي: أن مسألة الاجتماع على القول بالامتناع وسراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به تدخل في كبرى باب التعارض، وتكون من إحدى صغرياتها، فلابد - عندئذ - من الرجوع إلى قواعد ذلك الباب.
وعلى القول بالجواز وعدم السراية تدخل في كبرى باب التزاحم إذا لم تكن للمكلف مندوحة في البين، بأن لا يتمكن من الإتيان بالصلاة في خارج الأرض المغصوبة. وأما إذا كانت له مندوحة بأن كان متمكنا من الإتيان بها في الخارج فلا تزاحم أبدا.
الخامسة هل أن مسألتنا هذه من المسائل الأصولية أو من المسائل الفقهية، أو من المسائل الكلامية، أو من المبادئ التصديقية؟ وجوه وأقوال:
الأول: قيل: إنها من المسائل الفقهية، بدعوى: أن البحث في هذه المسألة - في الحقيقة - عن عوارض فعل المكلف، وهي صحة العبادة في المكان المغصوب وفسادها فيه، وهذا هو الضابط لكون المسألة فقهية لا غيرها.
ويرده ما تقدم: من أن البحث فيها ليس عن صحة العبادة وفسادها ابتداء، بل البحث فيها متمحض في سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به