فلابد من فرض جهة وجوب وجهة حرمة في إكرام العالم الفاسق ليكون داخلا في هذا الباب، أي: باب الاجتماع.
وعلى هذا الأساس يدخل جميع موارد التعارض بالعموم من وجه كهذا المثال في هذا الباب، إلا إذا علم من الخارج بعدم وجود الملاك لأحد الحكمين في مورد الاجتماع، فوقتئذ يدخل في باب التعارض.
وأما معاملة الفقهاء - رضي الله عنهم - مع هذا المثال وما شاكله معاملة التعارض بالعموم من وجه إنما يكون لأحد سببين:
الأول: من ناحية علمهم بعدم وجود الملاك لأحدهما في مورد الاجتماع في تمام أبواب الفقه.
الثاني: من ناحية التزامهم بالقول بالامتناع في المسألة - أي: مسألة الاجتماع - وعدم كفاية تعدد العنوان أو الإضافة للقول بالجواز.
ولنأخذ بالمناقشة في كليهما:
أما السبب الأول: فلأنه يرتكز على كون الفقهاء عالمين بالجهات الواقعية وملاكات النفس الأمرية ليكونوا في المقام عالمين بعدم وجود ملاك لأحدهما في مورد الاجتماع، ولأجل ذلك عاملوا معهما معاملة المتعارضين بالعموم من وجه.
ومن الضروري أنه ليس لهم هذا العلم فإنه يختص بالله تعالى وبالراسخين في العلم، على أنه لو كان لهم هذا العلم لكانوا عالمين بعدم وجود ملاك لأحدهما المعين، ومعه لا معنى لأن يعامل معهما معاملة التعارض، ضرورة أنه - عندئذ - يكون ملاك الآخر هو المؤثر. وكيف كان، فصدور مثل هذا الكلام من مثله (قدس سره) يعد من الغرائب جدا.
وأما السبب الثاني: فلأنه يبتني على أن يكون الفقهاء جميعا من القائلين بالامتناع في المسألة، وهذا مقطوع البطلان، كما تقدم الكلام في ذلك بشكل واضح.
وعلى ضوء هذا البيان قد تبين: أن هذا المثال وما شاكله خارج عن مسألة