التحرز عن مثل هذه الموارد التي لا يتوهم اجتماع الأمر والنهي فيها في شئ واحد، لا التحرز عن مطلق الواحد النوعي أو الجنسي كما عرفت.
وقد تحصل من ذلك أمران:
الأول: أنه إذا كان مصداق المأمور به غير مصداق المنهي عنه في الخارج ومباينا له فهو خارج عن مفروض الكلام في المسألة، ولا كلام ولا إشكال فيه أبدا.
الثاني: أن محل الكلام فيها ما إذا كان مصداق المأمور به والمنهي عنه واحدا، وذلك الواحد يكون مجمعا لهما، سواء كانت وحدته شخصية أو صنفية أو نوعية أو جنسية، لما مر: من أن المراد من الواحد في مقابل المتعدد، وهو: ما إذا كان مصداق المأمور به غير مصداق المنهي عنه خارجا، لا في مقابل الكلي، وسواء أكانت وحدته حقيقية أم انضمامية.
الجهة الرابعة التي هي أهم الجهات في مسألتنا هذه قد تقدم أن القول بالامتناع في المسألة يرتكز على سراية النهي من متعلقه إلى ما ينطبق عليه المأمور به، وعلى هذا فلا محالة تقع المعارضة بين دليلي الحكمين: كالوجوب والحرمة مثلا، لما عرفت: من أن مرد هذا القول: إما إلى القول باتحاد المجمع حقيقة، أو القول بسراية حكم أحد المتلازمين إلى الآخر. وعلى كلا التقديرين - لا محالة - يكون أحد الدليلين كاذبا في مورد الاجتماع، وذلك لاستحالة أن يكون المجمع - عندئذ - مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا. فإذا الأخذ بمدلول كل منهما في ذلك المورد يستلزم رفع اليد عن مدلول الآخر فيه مع بقاء موضوعه.
ومن هنا ذكرنا في بحث التعادل والترجيح: أن التعارض هو تنافي مدلولي الدليلين في مقام الإثبات على وجه التناقض أو التضاد بالذات والحقيقة،