لا يعلم - عندئذ - بحصول ذلك العنوان البسيط فيه، ولا يقطع ببراءة ذمته عنه.
ومن هنا تظهر الثمرة بين هذه الصورة والصورتين المتقدمتين بناء على ما هو الصحيح من جريان البراءة في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين.
نعم، لو بنينا في تلك المسألة على عدم جريان البراءة وأن المرجع فيها هو قاعدة الاشتغال لا غيرها فلا تظهر الثمرة - وقتئذ - بين هذه الصورة وهاتين الصورتين.
إلا أن هذا الفرض خاطئ جدا، وغير مطابق للواقع قطعا كما تقدم. فإذن تظهر الثمرة بينهما، كما تظهر الثمرة بين هذه الصورة والصورة الأولى كما هو ظاهر. هذا تمام الكلام في مقام الثبوت.
أما الكلام في مقام الإثبات والدلالة: فلابد من ملاحظة أدلة مانعية هذه الأمور وما شاكلها، هل المستفاد منها مانعيتها على النحو الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع؟
أقول: ينبغي لنا أولا ذكر جملة من الروايات الواردة في باب العبادات والمعاملات بالمعنى الأعم، ثم نبحث عن أن المستفاد من تلك الروايات ما هو؟
أما الروايات الواردة في باب العبادات فنكتفي بذكر خصوص الروايات الواردة في باب الصلاة فحسب، وهي كثيرة:
منها: صحيحة محمد بن مسلم قال: سألته عن الجلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ؟ قال (عليه السلام): " لا، ولو دبغ سبعين مرة " (1).
ومنها: صحيحة ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الميتة، قال (عليه السلام): " لا تصل في شئ منه، ولا في شسع " (2).
ومنها: موثقة سماعة قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال (عليه السلام):
" أما لحومها فمن الطير والدواب فأنا أكرهه، وأما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا