ترك كل فرد من أفرادها فحسب، لافناؤه في ترك كل فرد منها في كل آن من الآنات وزمان من الأزمنة، ولأجل ذلك يدل على الانحلال من الناحية الأولى دون الثانية.
الثالثة: أن أخذ الزمان في ناحية المتعلق يحتاج إلى دليل، وحيث إنه لا دليل عليه في المقام فدليل الحكمة يعين أخذه في ناحيته، فيدل على استمراره وبقائه في الآنات اللاحقة والأزمنة المتأخرة.
ولنأخذ بالمناقشة في جميع هذه الصور:
أما الصورة الأولى فيردها ما تقدم منا بشكل واضح، وملخصه:
أما أولا فلأن أصل هذه النظرية فاسدة، لما سبق: من أن النهي ليس عبارة عن طلب ترك الطبيعة، ولا عبارة عن الزجر عنها، بل هو: عبارة عن اعتبار المولى حرمان المكلف عن الطبيعة وإبراز ذلك الاعتبار في الخارج بمبرز ما من قول أو فعل.
وأما ثانيا فلما عرفت: من أن انحلال النهي بالإضافة إلى الأفراد العرضية والطولية على جميع المذاهب والآراء إنما هو مقتضى الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة، فإن المتفاهم منه عرفا ذلك بالإضافة إلى كلتيهما، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
وأما الصورة الثانية فيرد عليها ما عرفت: من أن استفادة العموم بالإضافة إلى الأفراد الطولية أيضا بالإطلاق فإن إطلاق المتعلق وعدم تقييده بحصة خاصة كما يقتضي العموم بالإضافة إلى الأفراد العرضية كذلك إطلاقه وعدم تقييده بزمان معين يقتضي العموم بالإضافة إلى الأفراد الطولية.
فما أفاده (قدس سره) من أن انحلال النهي بالإضافة إلى الأفراد الطولية يتوقف على أحد أمرين: إما أخذ الزمان في ناحية المتعلق، أو أخذه في ناحية الحكم لا يمكن المساعدة عليه بوجه، لما مر من أنه لا يتوقف على شئ منها، بل هو يتوقف على ثبوت الإطلاق، فإذا كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقييد بزمان خاص دون آخر - لا محالة - كان مقتضى الإطلاق هو ثبوت الحكم لكل فرد من أفراد الطبيعة في كل آن وزمان.