العرف بكونه واحدا أصلا، ولا سيما نظره المسامحي، فالعبرة إنما هي بوحدة المجمع وتعدده بحسب الواقع والحقيقة عند العقل. كما هو ظاهر.
وقد يوجه بتوجيه ثان، وملخصه: هو دعوى أن العرف لا يفهم من قوله تعالى - مثلا - " أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل " (1) إلا وجوب حصة منها، وهي الحصة التي لا تكون في الأرض المغصوبة، فلا تنطبق على الصلاة فيها.
وعليه، فلا ينطبق المأمور به على المنهي عنه أصلا، وهذا معنى امتناع اجتماعهما في شئ واحد عرفا.
وبتعبير آخر: أن المتفاهم العرفي من الأدلة الدالة على وجوب الصلاة أو نحوهما بعد ملاحظة النهي عن التصرف في مال الغير هو: وجوب حصة خاصة منها، وهي الحصة التي لا تقع في مال الغير، وعليه فالحصة الواقعة فيه ليست مصداقا للصلاة المأمور بها، بل هي منهي عنها فحسب، فإذا يستحيل اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد. ومرد هذا إلى تخصيص أدلة وجوب الصلاة - مثلا - بغير موارد النهي عن التصرف في أرض الغير، وهذا معنى امتناع اجتماعهما على شئ واحد.
ولنأخذ بالمناقشة عليه:
أما أولا: فلأنه لا صلة لهذا الفرض بمحل البحث أبدا، وذلك لأن محل البحث في المسألة إنما هو فيما إذا كان لكل من متعلقي الأمر والنهي إطلاق يشمل مورد التصادق والاجتماع، بأن يكون المجمع فيه مصداقا للمأمور به من ناحية، وللمنهي عنه من ناحية أخرى.
غاية الأمر: إذا فرض أن المجمع واحد بالذات والحقيقة فيقع التعارض بين دليلي الوجوب والحرمة، فعندئذ لابد من الرجوع إلى قواعده وإجراء أحكامه.
وإذا فرض أنه متعدد واقعا وخارجا فيقع التزاحم بينهما فلابد - عندئذ - من الرجوع إلى قواعده وإجراء أحكامه.