وهذا لا يتفاوت زيادة ونقيصة بتفاوت تلك الأوضاع والأحوال، وعليه فكونه على هيئة الراكع أو الساجد ليس تصرفا زائدا بنظر العقل من كونه على هيئة القائم أو القاعد... وهكذا، وهذا واضح (1).
ونتيجة ما أفاده (قدس سره): هي وجوب الاقتصار على الإيماء والإشارة في الصلاة، وعدم جواز الإتيان بالركوع والسجود.
ولكن الصحيح: هو القول الأول: والوجه في ذلك: هو أن كل جسم له حجم خاص ومقدار مخصوص - كما عرفت - يشغل المكان بمقدار حجمه دون الزائد عليه ومن الطبيعي أن مقدار تحيزه المكان لا يختلف باختلاف أوضاعه وأشكاله الهندسية: من المثلث والمربع وما شاكلهما، بداهة أن نسبة مقدار حجمه إلى مقدار من المكان نسبة واحدة في جميع حالاته وأوضاعه، ولا تختلف تلك النسبة زيادة ونقيصة باختلاف تلك الأوضاع الطارئة عليه.
مثلا: إذا اضطر الإنسان إلى البقاء في المكان المغصوب - كما هو مفروض الكلام في المقام - لا يفرق فيه: بين أن يكون قائما أو قاعدا فيه، وأن يكون راكعا أو ساجدا، فكما أن الركوع والسجود تصرف فيه فكذلك القيام والقعود فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا، بداهة أن الركوع والسجود ليسا تصرفا زائدا على القيام والقعود، لا بنظر العقل ولا العرف، فعندئذ لا وجه للقول بوجوب الاقتصار على الإيماء بدلا عنهما.
ودعوى: أنهما يعدان بنظر العرف من التصرف الزائد خاطئة جدا، ضرورة أنه لا فرق في نظر العرف بين أن يكون الإنسان قائما في الدار المغصوبة أو قاعدا، وبين أن يكون راكعا أو ساجدا فيها، فكما أن الثاني تصرف فيها بنظره فكذلك الأول، وليس في الثاني تصرف زائد بنظره بالإضافة إلى الأول. وهذا لعله من الواضحات.
فإذا لا وجه لما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من التفرقة بين نظر العرف ونظر العقل.