والوجه في ذلك: هو أن كلا منهما قادر على حيازة هذا الماء واستعماله في الوضوء أو الغسل من دون مانع من الآخر، لفرض عدم تسابقهما إلى أخذه وحيازته ولو لأجل عدم المبالاة بالدين، وعليه فيصدق على كل منهما أنه واجد للماء ومتمكن من استعماله عقلا وشرعا، ومعه - لا محالة - يبطل كلا التيممين معا.
وقد ذكرنا في محله: أن وجوب الوضوء وبطلان التيمم في الآية المباركة مترتبان على وجدان الماء، فإذا كان المكلف واجدا له وجب الوضوء وبطل تيممه، وإلا فلا (1)، وهذا واضح.
ولكن العجب من شيخنا الأستاذ (قدس سره) كيف فصل بين بطلان التيمم وعدم وجوب الوضوء، مع أن وجوب الوضوء لا ينفك عن بطلان التيمم كما هو مقتضى الآية الكريمة؟! كما أنه لا وجه لما ذكره (قدس سره) من بطلان تيمم كليهما معا، لما عرفت من أنه لابد من التفصيل في ذلك.
ونتيجة هذا البحث عدة نقاط:
الأول: أن الأمر كما أنه لا يمكن تحققه بدون متعلق كذلك لا يمكن تحققه بدون موضوع على جميع المذاهب والآراء.
الثانية: أنه كما يمكن لحاظ متعلق الحكم تارة على نحو العموم الاستغراقي، واخرى على نحو العموم المجموعي، وثالثة على نحو صرف الوجود يمكن لحاظ الموضوع أيضا كذلك، بأن يلحظ تارة على نحو العموم الاستغراقي، واخرى على نحو العموم المجموعي، وثالثة على نحو صرف الوجود.
الثالثة: أن الواجب الكفائي ثابت على ذمة أحد المكلفين، لا بعينه الذي عبر عنه بصرف الوجود، لا على ذمة جميع المكلفين، ولا على ذمة مجموعهم، ولا على ذمة الواحد المعين كما عرفت.