كما أنه لا يمكن أن يكون الدليل متكفلا للحكم الاقتضائي، وهو: اشتمال الفعل على المصلحة والمفسدة، ضرورة أن بيان ذلك ليس من شأن الشارع ووظيفته، فإن وظيفته بيان الأحكام الشرعية، لا بيان مصالح الأشياء ومفاسدها ومضارها ومنافعها، وبذلك ظهر ما في كلام المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في المقدمة التاسعة (1)، فلاحظ.
الرابعة: أن ثمرة المسألة على القول بالجواز: صحة العبادة في مورد الاجتماع مطلقا ولو كان عالما بالحرمة، فضلا عما إذا كان جاهلا بها، ولكن خالف في ذلك شيخنا الأستاذ (قدس سره) وقال ببطلان العبادة في صورة العلم بالحرمة، وبصحتها في صورة الجهل بها والنسيان.
وأفاد في وجه ذلك ما حاصله: أنه لا يمكن تصحيح العبادة بالأمر، لفرض أن متعلق الأمر هو الحصة الخاصة، وهي الحصة المقدورة، ولا يمكن بالترتب، لعدم جريانه في المقام، ولا يمكن بالملاك، لفرض أن صدور المجمع منه قبيح، ومع القبح الفاعلي لا تصح العبادة، كما أنها لا تصح مع القبح الفعلي (2).
فالنتيجة: أنه لا يمكن الحكم بصحة العبادة في مورد الاجتماع على هذا القول، فضلا عن القول بالامتناع.
ولكن قد تقدم: أن نظريته (قدس سره) هذه خاطئة جدا ولم تطابق الواقع أصلا، لما عرفت: من أنه يمكن الحكم بصحتها:
من ناحية الأمر، لما عرفت من إطلاق المتعلق وعدم المقتضي لتقييده بخصوص الحصة المقدورة (3).
ومن ناحية الترتب، لما ذكرناه هناك: من أنه لا مانع من الالتزام به في المقام أصلا (4).