شئ واحد بفصلين في عرض واحد، وهو محال، مضافا إلى ما ذكرناه من أن الحركة في كل مقولة من المقولات عين تلك المقولة خارجا وليست جنسا لها، لفرض أن الأعراض بسائط خارجية، وأن ما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز.
ولنأخذ بالمناقشة في بعض هذه النقاط:
أما النقطة الأولى: فهي في غاية الصحة والمتانة، وذلك ضرورة أن جهة الصدق في صدق العناوين الاشتقاقية على ذواتها لا محالة جهة تعليلية، بداهة أنه لا يمكن تعقل النسبة بالعموم من وجه بين عنوانين منها إلا إذا كانت الذات في مورد الاجتماع واحدة، وإلا فليست النسبة بينهما كذلك كما هو واضح.
أما النقطة الثانية فيرد عليها: أن نظريته (قدس سره) في تلك النقطة إنما تتم في الماهيات المتأصلة والمقولات الحقيقية، فإن المبادئ إذا كانت من تلك المقولات يستحيل اتحاد اثنين منها في الخارج وصدق أحدهما على الآخر، ضرورة استحالة اتحاد مقولتين خارجا وصدق إحداهما على الأخرى، من دون فرق في ذلك بين أن تكونا عرضين أو جوهرين، أو إحداهما جوهرا والاخرى عرضا.
والسر فيه ما عرفت غير مرة: من أن المقولات أجناس عاليات ومتباينات بالذات والحقيقة، وليس فوقها جنس آخر لتكون تلك المقولات داخلة فيه.
وعلى هذا الضوء فكما أنه لا يمكن صدق مقولة الجوهر على مقولة العرض فكذلك لا يمكن صدق كل من أقسامهما على الآخر بعين هذا الملاك، فلا تصدق النفس على العقل، والصورة على المادة، والكم على الكيف، والأين على الوضع... وهكذا.
ومن هذا البيان قد تبين حال المبادئ المتأصلة: كالبياض والعلم والشجاعة والحلاوة والكرم وما شاكل ذلك، فإن هذه المبادئ وأمثالها بما أنها مبادئ متأصلة وماهيات حقيقية مقولية فلا محالة تعددها يستلزم تعدد المعنون والمطابق في الخارج، لما عرفت الآن من استحالة اتحاد ماهية متأصلة مع ماهية متأصلة