ففي هذا الفرض اتفق الفقهاء على وجوب قضائها في خارج الوقت (1) مع أن مقتضى ما ذكرناه - من أن استصحاب عدم الإتيان بها في الوقت لا يثبت عنوان الفوت - عدم وجوب القضاء، لفرض أن عنوان الفوت في نفسه غير محرز هنا، واستصحاب عدم الإتيان بها في الوقت لا يجدي.
والجواب عن هذا ظاهر، وهو: أن الشك في المقام بما أنه كان قبل خروج الوقت فلا محالة يكون مقتضى قاعدة الاشتغال والاستصحاب وجوب الإتيان بها، وعلى ذلك فلا محالة إذا لم يأت المكلف به في الوقت فقد فوت الواجب، ومعه لا محالة يجب قضاؤه لتحقق موضوعه وهو عنوان الفوت.
وهذا بخلاف ما إذا شك المكلف في خارج الوقت أنه أتى بالواجب في وقته أم لا؟ ففي مثل ذلك لم يحرز أنه ترك الواجب فيه ليصدق عليه عنوان الفوت، والمفروض أن استصحاب عدم الإتيان به غير مجد، وهذا هو نقطة الفرق بين ما إذا شك المكلف في إتيان الواجب في الوقت وما إذا شك في إتيانه في خارج الوقت.
نتائج هذا البحث عدة أمور:
الأول: أنه لا إشكال في إمكان الواجب الموسع والمضيق، بل في وقوعهما خارجا، وما ذكر من الإشكال على الواجب الموسع تارة وعلى المضيق تارة أخرى مما لا مجال له، كما تقدم بشكل واضح (2).
الثاني: أن ما ذكر من التفصيل بين ما كان الدليل على التوقيت متصلا وما كان منفصلا فقد عرفت أنه لا يرجع إلى معنى محصل أصلا، وقد ذكرنا أنه لا فرق بين القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة من هذه الناحية أبدا، فكما أن الأولى تدل على التقييد من الأول وعلى وحدة المطلوب فكذلك الثانية كما سبق (3).
الثالث: أن الصحيح ما ذكرناه من أن التقييد بالوقت إذا كان بدليل متصل