وبيان ذلك: أما كون النتيجة في المثال الأول بدليا فلأجل أنه لا يمكن أن يريد المتكلم الإخبار عن مجئ كل من ينطبق عليه عنوان الرجل، لأنه خلاف الواقع. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه لم ينصب قرينة على الإخبار عن مجئ شخص خاص.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أن مقتضى الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة هو:
كونه أراد الإخبار عن مجئ فرد ما من الرجل وصرف وجوده، فهذه الخصوصية أوجبت كون نتيجة المقدمات فيه بدليا.
وأما في المثال الثاني فباعتبار أنه لا يمكن أن يريد منه الإخبار عن عدم وجود رجل واحد في الدار ووجود البقية فيها، بداهة أن هذا المعنى في نفسه غير معقول، كيف؟ ولا يعقل وجود جميع رجال العالم في دار واحدة. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: أنه لم يقيده بحصة خاصة دون أخرى.
فالنتيجة على ضوء هذين الجانبين: هي أن المتكلم أراد الإخبار بنفي وجود كل فرد من أفراد الرجل عن الدار، ضرورة أنه لو كان واحد من أفراده فيها لا يصدق قوله: " لا رجل في الدار "، ولصدق نقيضه.
ومن هذا القبيل أيضا قولنا: " لا أملك شيئا "، فإن كلمة " شئ " وإن استعملت في معناها الموضوع له - وهو: الطبيعي الجامع بين جميع الأشياء - إلا أن مقتضى الإطلاق وعدم تقييده بحصة خاصة هو نفي ملكية كل ما يمكن أن ينطبق عليه عنوان الشئ، لا نفي فرد ما منه ووجود البقية عنده، فإن هذا المعنى باطل في نفسه فلا يمكن إرادته منه.
ومن هذا القبيل أيضا قوله (عليه السلام): " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " (1) وما شاكل ذلك، فإنه لا يمكن أن يراد منه نفي ضرر ما في الشريعة المقدسة، لأنه