الرابع: أن الخروج فيما نحن فيه واجب في الجملة ولو كان ذلك بحكم العقل وهذا يكشف عن كونه مقدورا وقابلا لتعلق التكليف به. ومن المعلوم ان كلما كان كذلك أعني كونه واجبا ولو بحكم العقل لا يدخل في كبرى تلك القاعدة قطعا، ضرورة أن مورد القاعدة: هو ما إذا كان الفعل غير قابل لتعلق التكليف به لامتناعه، واما إذا فرض كونه قابلا كذلك ولو عقلا فلا موجب لسقوط الخطاب المتعلق به شرعا أصلا، فإذا فرض تعلق الخطاب الوجوبي به مع فرض كونه داخلا في موضوع القاعدة فرضان متنافيان فلا يمكن الجمع بينهما، وعليه فكيف يمكن كون المقام من صغريات القاعدة.
نتيجة جميع ما ذكره (قدس سره): هي أن الخروج عن الدار المغصوبة غير داخل في كبرى قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار.
ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده (قدس سره) من الوجوه: أن هذه الوجوه جميعا تبتنى على الاشتباه في نقطتين:
الأولى: توهم اختصاص القاعدة بموارد التكاليف الوجوبية والغفلة عن أنه لا فرق في جريانها بين موارد التكاليف الوجوبية وموارد التكاليف التحريمية، فهما من هذه الناحية على صعيد واحد، والفارق: هو أن ترك المقدمة في التكاليف الوجوبية غالبا بل دائما يفضي إلى ترك الواجب وامتناع فعله في الخارج، كمن ترك المسير إلى الحج فإنه يوجب امتناع فعله، وهذا بخلاف التكاليف التحريمية فإن في مواردها: إيجاد المقدمة يوجب امتناع ترك الحرام والانزجار عنه، لا تركها مثلا: الدخول في الأرض المغصوبة يوجب امتناع ترك الحرام والانزجار عنه، لا تركه، فإنه لا يوجب امتناع فعله، فتكون موارد التكاليف التحريمية من هذه الناحية على عكس موارد التكاليف الوجوبية.
الثانية: توهم اختصاص جريان القاعدة بموارد الامتناع التكويني: كامتناع فعل الحج يوم عرفة لمن ترك المسير إليه، وعدم جريانها في موارد الامتناع التشريعي، فتخيل أن الامتناع العارض على الفعل المنتهي إلى اختيار المكلف