التقديرين فهو ملازم للكون في خارج الدار وجودا، لا أنه عينه. أما الثاني فواضح، ضرورة أن ترك الغصب ليس عين الكون في خارج الدار، بل هو ملازم له خارجا، لاستحالة أن يكون الأمر العدمي مصداقا للأمر الوجودي، وبالعكس وأما الأول فأيضا كذلك، لوضوح أن عنوان التخلص والتخلية ليس عين عنوان الكون فيه خارجا ومنطبقا عليه انطباق الطبيعي على فرده، بل هو ملازم له وجودا في الخارج. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنا قد ذكرنا غير مرة: أن حكم أحد المتلازمين لا يسري إلى الملازم الآخر فضلا عن مقدمته.
فالنتيجة على ضوئهما: هي أنه لا يمكن الحكم بوجوب تلك الحركات من باب المقدمة أيضا، فإن ما هو واجب - وهو عنوان التخلص - ليس تلك الحركات مقدمة له، وما كانت تلك الحركات مقدمة له - وهو الكون في خارج الدار - ليس بواجب، ضرورة أن الكون فيه ليس من أحد الواجبات في الشريعة المقدسة لتكون مقدمته واجبة.
وبكلمة أخرى: فقد عرفت أن عنوان التخلية: إما أن يكون مضادا للحركات الخروجية، أو مناقضا لها، وعلى كلا التقديرين لا يعقل أن تكون تلك الحركات مقدمة له، لما ذكرناه في بحث الضد من استحالة كون أحد الضدين مقدمة للضد الآخر، أو أحد النقيضين مقدمة لنقيضه كما تقدم هناك بشكل واضح، فلا حظ.
ثم لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا أن عنوان التخلص متحد مع عنوان الكون في خارج الدار ومنطبق عليه انطباق الطبيعي على مصداقه فعندئذ وإن كانت تلك الحركات مقدمة له - أي: لعنوان التخلية والتخلص - إلا أنه قد تقدم في بحث مقدمة الواجب أنه لا دليل على ثبوت الملازمة بين وجوب شئ ووجوب مقدمته، لتكون تلك الحركات واجبة بوجوب مقدمي.
ونتيجة ما ذكرناه: هي أن الخروج ليس بواجب، لا بوجوب نفسي، لعدم الملاك والمقتضي له، ولا بوجوب مقدمي، لعدم ثبوت الصغرى أولا، وعلى تقدير ثبوتها فالكبرى غير ثابتة.