والوجه في هذا واضح، وهو: أن الصلاة حال الخروج ليست مصداقا للغصب وتصرفا في مال الغير على الفرض. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنها لا تستلزم التصرف الزائد على نفس الخروج، لفرض أنها غير مشتملة على الركوع والسجود المستلزمين له.
ومن ناحية ثالثة: أن المكلف غير قادر على الصلاة التامة الأجزاء والشرائط في خارج الدار لتكون هذه الصلاة - أعني: الصلاة مع الإيماء حال الخروج - غير مشروعة في حقة، لأنها وظيفة العاجز دون القادر.
فالنتيجة على ضوء ذلك: هي أنه لا مناص من الالتزام بصحة هذه الصلاة في هذا الحال، أعني: حال الخروج. وأما بناء على القول بالامتناع وفرض اتحاد الصلاة مع الغصب خارجا فلا تجوز الصلاة حال الخروج، بل لابد من الاتيان بها خارج الدار، وذلك لفرض أنها مصداق للغصب ومبغوض للمولى، ومعه لا يمكن التقرب بها، لاستحالة التقرب بما هو مبغوض.
وأما الكلام في المورد الثالث - وهو: ما إذا كان المكلف متمكنا من الصلاة التامة الأجزاء والشرائط في خارج الدار - فلا إشكال في لزوم إتيانها في الخارج، وعدم جواز إتيانها حال الخروج ولو على القول بالجواز في المسألة.
والوجه في ذلك ظاهر، وهو: أن المكلف لو أتى بها في هذا الحال لكان عليه الاقتصار على الإيماء للركوع والسجود، ولا يجوز له الإتيان بها معهما، لاستلزامهما التصرف الزائد على قدر الضرورة، وهو غير جائز، فإذا لابد من الاقتصار على الايماء. ومن الواضح جدا أن من يتمكن من المرتبة العالية من الصلاة - وهي الصلاة مع الركوع والسجود - لا يجوز له الاقتصار على المرتبة الدانية وهي الصلاة مع الإيماء، ضرورة أنها وظيفة العاجز عن المرتبة الأولى، وأما وظيفة المتمكن منها فهي تلك المرتبة لا غيرها، لوضوح أنه لا يجوز الانتقال من هذه المرتبة - أعني: المرتبة العالية إلى غيرها من المراتب - إلا في صورة العجز عن الإتيان بها.