وأما على وجهة نظرنا فقد عرفت أن العبادة صحيحة في مورد الاجتماع على القول بالجواز، وتعدد المجمع واقعا في صورة العلم بالحرمة فضلا عن صورة الجهل بها أو النسيان لها.
قال في المقدمة العاشرة ما إليك لفظه: إنه لا إشكال في سقوط الأمر وحصول الامتثال بإتيان المجمع بداعي الأمر على الجواز مطلقا ولو في العبادات وإن كان معصية، للنهي أيضا. وكذا الحال على الامتناع مع ترجيح جانب الأمر، إلا أنه لا معصية عليه.
وأما عليه وترجيح جانب النهي فيسقط به الأمر مطلقا في غير العبادات، لحصول الغرض الموجب له. وأما فيها فلا، مع الالتفات إلى الحرمة أو بدونه تقصيرا، فإنه وإن كان متمكنا مع عدم الالتفات من قصد القربة وقد قصدها إلا أنه مع التقصير لا يصلح أن يتقرب به أصلا فلا يقع مقربا، وبدونه لا يكاد يحصل به الغرض الموجب للأمر به عبادة كما لا يخفى.
وأما إذا لم يلتفت إليها قصورا وقد قصد القربة بإتيانه فالأمر يسقط، لقصد التقرب بما يصلح أن يتقرب به، لاشتماله على المصلحة مع صدوره حسنا، لأجل الجهل بحرمته قصورا، فيحصل به الغرض من الأمر فيسقط به قطعا وان لم يكن امتثالا، بناء على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات المصالح والمفاسد واقعا، لا لما هو المؤثر منها فعلا للحسن أو القبح، لكونهما تابعين لما علم منهما كما حقق في محله. مع أنه يمكن أن يقال بحصول الامتثال مع ذلك، فإن العقل لا يرى تفاوتا بينه وبين سائر الأفراد في الوفاء بغرض الطبيعة المأمور بها، وإن لم تعمه بما هي مأمور بها، لكنه لوجود المانع، لا لعدم المقتضي.
ومن هنا انقدح أنه يجزئ ولو قيل باعتبار قصد الامتثال في صحة العبادة وعدم كفاية الإتيان بمجرد المحبوبية، كما يكون كذلك في ضد الواجب حيث لا يكون هناك أمر يقصد أصلا.
وبالجملة: مع الجهل قصورا بالحرمة موضوعا أو حكما يكون الإتيان