قال المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في المقدمة الثامنة ما هذا نصه: (إنه لا يكاد يكون من باب الاجتماع إلا إذا كان في كل واحد من متعلقي الإيجاب والتحريم مناط حكمه مطلقا حتى في مورد التصادق والاجتماع كي يحكم على الجواز بكونه فعلا محكوما بالحكمين، وعلى الامتناع بكونه محكوما بأقوى المناطين، أو بحكم آخر غير الحكمين فيما لم يكن هناك أحدهما أقوى كما يأتي تفصيله.
واما إذا لم يكن للمتعلقين مناط كذلك فلا يكون من هذا الباب، ولا يكون مورد الاجتماع محكوما إلا بحكم واحد منهما إذا كان له مناطه، أو حكم آخر غيرهما فيما لم يكن لواحد منهما قيل بالجواز أو الامتناع. هذا بحسب مقام الثبوت.
وأما بحسب مقام الدلالة والإثبات فالروايتان الدالتان على الحكمين متعارضتان إذا أحرز أن المناط من قبيل الثاني، فلابد من عمل المعارضة بينهما من الترجيح والتخيير، وإلا فلا تعارض في البين، بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين، فربما كان الترجيح مع ما هو أضعف دليلا لكونه أقوى مناطا، فلا مجال - حيئذ - لملاحظة مرجحات الروايات أصلا، بل لابد من مرجحات المقتضيات المتزاحمات كما تأتي الإشارة إليها. نعم، لو كان كل منهما متكفلا للحكم الفعلي لوقع بينهما التعارض، فلابد من ملاحظة مرجحات باب المعارضة لو لم يوفق بينهما بحمل أحدهما على الحكم الاقتضائي بملاحظة مرجحات باب المزاحمة، فتفطن) (1).
نلخص ما أفاده (قدس سره) في عدة نقاط:
الأولى: أن مسألتنا هذه ترتكز على ركيزة واحدة وتدور مدارها وجودا وعدما، وهي: أن يكون المجمع لمتعلقي الأمر والنهي في مورد الاجتماع والتصادق مشتملا على ملاك كلا الحكمين معا.