فإن الملاك في فعلية الحكم إنما هو فعلية موضوعه خارجا ووجوده، ضرورة استحالة تخلفها عنه. وعليه فلا تعقل صحة توجيه هذا التكليف فعلا إلى فاقد الشرط والموضوع، بداهة أن انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عقلي، فعندئذ لو وجه إليه تكليف فهو - لا محالة - يكون تكليفا آخر غير الأول، وهو خلاف مفروض الكلام.
وأما في الثانية - وهي القضايا الخارجية - فلأن جعل الحكم فيها يدور مدار علم الحاكم بوجود شرائط الحكم، وأما وجود هذه الشرائط في الخارج أو عدم وجودها فيه أجنبي عنه رأسا، وليس له أي دخل فيه. فإذا لا معنى للبحث عن جوازه مع علمه بانتفاء تلك الشرائط خارجا وعدم جوازه، ضرورة أن البحث على هذا الشكل أجنبي عما هو دخيل في هذا الحكم بالكلية، وعليه فلا معنى له أصلا كما لا يخفى.
ومن هنا قال: إن ما ذكروه من الثمرة لتلك المسألة - وهي وجوب الكفارة على من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تمامية شرائط الوجوب له إلى الليل - ليست ثمرة لها، بل هي ثمرة مترتبة على مسألة فقهية، وهي: أن التكليف بالصوم هل ينحل إلى تكاليف متعددة بتعدد آنات اليوم، أو هو تكليف واحد مشروط بشرط متأخر وهو بقاؤه على شرائط الوجوب إلى الليل (1)؟
وذكر المحقق صاحب الكفاية (قدس سره): أنه لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه وإن نسب ذلك إلى الأشاعرة (2)، حيث إنهم يجوزون التكليف بالمحال، ولا يرون فيه قبحا أصلا، وقد أفاد في وجه ذلك ما ملخصه، وهو: أن الشرط بما أنه كان من أجزاء العلة التامة فيستحيل أن يوجد الشئ بدونه، ضرورة استحالة