في إيجاده في ضمن أي فرد من أفراده شاء المكلف إيجاده، ومقتضى هذا النهي عدم جواز إيجاد هذا الفرد المنهي عنه في الخارج، وعدم جواز تطبيق الطبيعة المأمور بها عليه، ضرورة استحالة كون المحرم مصداقا للواجب. وعليه فلابد من رفع اليد عن إطلاق المأمور به وتقييده بغير الفرد المنهي عنه، بداهة أن الشارع بنهيه عنه قد سد طريق امتثال المأمور به، به ومنع عن إيجاده في ضمنه، ومعه كيف يعقل بقاء إطلاقه على حاله الذي لازمه هو ترخيص الشارع المكلف في إيجاده في ضمن أي فرد من أفراده شاء إيجاده في ضمنه؟
وإن شئت قلت: إن العقل وإن حكم من ناحية الإطلاق بجواز تطبيقه على أي فرد من أفراده شاء المكلف تطبيقه عليه. إلا أن من المعلوم أن حكمه بذلك منوط بعدم منع الشارع عن بعض أفراده، ومع منعه عنه لا حكم له بذلك أصلا، بل يحكم بعكس هذا، أعني: بعدم جواز تطبيقه عليه وتقييد إطلاقه بغيره، ضرورة استحالة أن يكون المحرم مصداقا للواجب، والمبغوض مصداقا للمحبوب.
ولا فرق في ذلك بين أن يكون الواجب توصليا أو تعبديا، فكما أن هذا النهي يوجب تقييد إطلاق دليل الواجب التعبدي فكذلك يوجب تقييد إطلاق دليل الواجب التوصلي بعين هذه الملاك، وهو استحالة كون الحرام مصداقا للواجب، وهذا واضح.
ونتيجة ما ذكرناه: هي أن هذا القسم من النهي يوجب تقييد إطلاق الواجب بغير الفرد المنهي عنه، من دون فرق فيه بين أن يكون الواجب تعبديا أو توصليا.
الثالث: أن يكون النهي تنزيهيا ملازما للترخيص في متعلقه، ففي مثل ذلك لا موجب لتقييد الواجب بغيره، حتى إذا كان عباديا فضلا عما إذا كان غير عبادي.
بيان ذلك: أن المولى إذا نهى عن الصلاة في الحمام - مثلا - وكان نهيه تنزيهيا وملازما للترخيص في الإتيان بها فمعناه: جواز امتثال الواجب بالإتيان بالصلاة في الحمام وصحتها، والجمع بين ذلك وبين النهي التنزيهي يقتضي أن يكون تطبيق الطبيعي الواجب على هذه الحصة في نظر الشارع مرجوحا بالإضافة إلى تطبيقه