في الخارج، دون الترك ونفس أن لا تفعل (1).
وغير خفي أن هذا الإشكال يرتكز على نقطة واحدة، وهي: أن يكون متعلق النهي العدم السابق، فإن هذا العدم أمر خارج عن القدرة والاختيار، فلا يعقل تعلقها به، إلا أن تلك النقطة خاطئة جدا وغير مطابقة للواقع، وذلك لأن متعلقه الترك اللاحق، ومن المعلوم أنه مقدور على حد مقدورية الفعل، لوضوح استحالة تعلق القدرة بأحد طرفي النقيض، فإذا كان الفعل مقدورا للمكلف - كما هو المفروض - فلا محالة يكون تركه مقدورا بعين تلك المقدورية، وإلا فلا يكون الفعل مقدورا، وهذا خلف.
فالنتيجة: هي أن النهي يشترك مع الأمر في المعنى الموضوع له وهو الطلب، ويمتاز عنه في المتعلق، فإنه في الأول هو الترك، وفي الثاني الفعل، فيدل الأول على طلب الترك وإعدام المادة في الخارج، والثاني على طلب الفعل وإيجاد المادة فيه.
ثم إنهم قد رتبوا على ضوء هذه النظرية - أعني دلالة النهي على طلب ترك الطبيعة، ودلالة الأمر على طلب إيجادها - أن متعلق الطلب في طرف الأمر، حيث إنه صرف إيجاد الطبعية في الخارج، فلا يقتضي عقلا إلا إيجادها في ضمن فرد ما، ضرورة أن صرف الوجود يتحقق بأول وجودها، وبه يتحقق الامتثال ويحصل الغرض، ومعه لا يبقى مجال لإيجادها في ضمن فرد ثان وهكذا...، كما هو واضح.
وأما في طرف النهي: فبما أنه صرف ترك الطبيعة فلا محالة لا يمكن تركها إلا بترك جميع أفرادها في الخارج العرضية والطولية، ضرورة أن الطبيعة في الخارج تحقق بتحقق فرد منها، فلو أوجد المكلف فردا منها فقد أوجد الطبيعة فلم تترك.
والى ذلك أشار المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) بما حاصله: هو أنه لا فرق بين الأمر والنهي في الدلالة الوضعية، فكما أن صيغة الأمر تدل وضعا على طلب