ومجرد اتصافه بالوجوب الغيري على فرض القول به لا ينافي مبغوضيته في نفسه، لفرض أن الوجوب الغيري لم ينشأ عن مصلحة ملزمة في متعلقه، بل هو ناش عن مصلحة في غيره فلا ينافي مبغوضيته أصلا كما عرفت.
فالنتيجة: أن هذين المثالين وما شاكلهما - كالخروج - جميعا داخل في كبرى قاعدة عدم منافاة الامتناع بالاختيار للاختيار، وأن الجميع - بالإضافة إلى الدخول - في كبرى تلك القاعدة على صعيد واحد، وأن العقل في جميع ذلك يرشد إلى اختيار ما هو أخف القبيحين وأقل المحذورين.
وقد تحصل من ذلك: أن الصحيح: هو ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره):
من أن الخروج أو ما شاكله ليس محكوما بشئ من الأحكام الشرعية فعلا، ولكن يجري عليه حكم النهي السابق الساقط بالاضطرار من جهة انتهائه إلى سوء الاختيار، ومعه لا محالة يبقى على مبغوضيته ويستحق العقاب على ارتكابه وإن كان العقل يرشد إلى اختياره ويلزمه بارتكابه فرارا عن المحذور الأهم، ولكن عرفت: أن ذلك لا ينافي العقاب عليه إذا كان منتهيا إلى سوء اختياره كما هو مفروض المقام.
أما الكلام في المقام الثاني - وهو: حكم الصلاة الواقعة حال الخروج - فيقع في عدة موارد:
الأول: ما إذا كان المكلف غير متمكن من الصلاة في خارج الدار أصلا، لا مع الركوع والسجود، ولا مع الإيماء لضيق الوقت أو نحوه.
الثاني: أن يتمكن من الصلاة مع الإيماء فيه، ولا يتمكن من الصلاة مع الركوع والسجود.
الثالث: أن يتمكن من الصلاة في الخارج مع الركوع والسجود لسعة الوقت.
أما الكلام في المورد الأول: فيجوز له الصلاة حال الخروج، ولكن يقتصر فيها على الإيماء بدلا عن الركوع والسجود، وذلك لاستلزامهما التصرف الزائد على قدر الضرورة، ومعه - لا محالة - تنتقل الوظيفة إلى بدلهما وهو الإيماء.
هذا على القول بالجواز وتعدد المجمع في مورد الاجتماع وجودا وماهية.