عن الصغرى والكبرى المؤلف منهما القياس المنتج للعلم بالنتيجة. ومن تلك المبادئ: المسائل الأصولية بالإضافة إلى المسائل الفقهية، باعتبار أنها تكون مبدأ للتصديق بثبوت تلك المسائل، وتقع في كبرى القياس الواقع في طريق استنباطها، وبهذا الاعتبار تكون المسائل الأصولية مبادئ تصديقية لعلم الفقه، لوقوعها في كبرى قياساتها التي تستنتج منها المسائل الفقهية، ولا نعقل المبادئ الأحكامية في مقابل المبادئ التصورية والتصديقية، بداهة أنه: إن أريد من المبادئ الأحكامية تصور نفس الأحكام: كالوجوب والحرمة ونحوهما فهو من المبادئ التصورية، إذ لا نعني بها إلا تصور الموضوع والمحمول كما مر.
وإن أريد منها ما يوجب التصديق بثبوت حكم أو نفيه - ومنه الحكم بسراية النهي إلى متعلق الأمر في محل الكلام - فهي من المبادئ التصديقية لعلم الفقه، كما هو الحال في سائر المسائل الأصولية.
الرابع: أنها من المبادئ التصديقية لعلم الأصول، وليست من مسائله. وقد اختار هذا القول شيخنا الأستاذ (قدس سره)، وأفاد في وجه ذلك ما حاصله وهو: أن هذه المسألة على كلا القولين لا تقع في طريق استنباط الحكم الكلي الشرعي بلا واسطة ضم كبرى أصولية. وقد تقدم: أن الضابط لكون المسألة أصولية هو وقوعها في طريق الاستنباط بلا واسطة، والمفروض أن هذه المسألة ليست كذلك، فإن فساد العبادة لا يترتب على القول بالامتناع فحسب، بل لا بد من ضم كبرى أصولية إليه، وهي قواعد كبرى مسألة التعارض، فإن هذه المسألة على هذه القول تدخل في كبرى تلك المسألة، وتكون من إحدى صغرياتها.
وعليه، ففساد العبادة إنما يترتب بعد إعمال قواعد التعارض وتطبيقها في المسألة، لا مطلقا، وهذا شأن كون المسألة من المبادئ التصديقية دون المسائل الأصولية، كما أنها على القول بالجواز تدخل في كبرى مسألة التزاحم (1).