ومن الواضح جدا أن هذا أجنبي عن التناقض فيما نحن فيه، وهو: التناقض بين الوجود والعدم بحسب مقام الثبوت والواقع الموضوعي، ضرورة أنه لا يمكن أن يكون نقيض الوجود الواحد أعداما متعددة، ونقيض العدم الواحد وجودات متعددة، وإلا لزم ارتفاع النقيضين، وهذا من الواضحات الأولية.
ومن ناحية ثالثة: أن وجود الطبيعي عين وجود فرده في الخارج، لوضوح أنه ليس للطبيعي وجود آخر في قبال وجود فرده. وقد ذكرنا في بحث تعلق الأوامر بالطبائع: أن معنى وجود الطبيعي في الخارج هو: أن هذا الوجود الواحد الخارجي كما أنه مضاف إلى الفرد ووجود له حقيقة وواقعا كذلك مضاف إلى الطبيعي ووجود له كذلك.
وقد قلنا هناك: إن كل وجود متشخص بنفس ذاته وهويته لا بوجود آخر، بداهة أن الوجود عين التشخص لا شئ وراءه.
وأما الأعراض الملازمة له في الوجود فهي وجودات مستقلة في قباله، فليست من مشخصاته، وفي إطلاق المشخص عليها مسامحة واضحة، وكما تقدم ذلك بشكل واضح، فهذا الوجود كما أنه وجود للفرد حقيقة وجود للطبيعي كذلك، فلا فرق بينهما إلا في الاعتبار وجهة الإضافة.
ومن هنا صح القول بأن نسبة الطبيعي إلى أفراده نسبة الآباء إلى الأولاد، لا نسبة أب واحد إلى الأولاد.
ومن ناحية رابعة: أنه إذا كان وجود الطبيعي في الخارج عين وجود فرده فلا محالة يكون عدمه فيه عين عدم فرده، وهذا واضح.
ومن ناحية خامسة: كما أن للطبيعي وجودات متعددة بعدد وجودات أفراده كذلك له أعدام متعددة بعدد أعدامها، لما عرفت: من أن عدم الطبيعي عين عدم فرده، وبالعكس.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي أنه لا مقابلة بين الطبيعة الملحوظة على نحو توجد بوجود فرد منها، والطبيعة الملحوظة على نحو تنتفي بانتفاء جميع