فعل اختياري للمكلف، فلا مانع من أن يقوم غرض المولى به وكونه متعلقا لأمره كسائر أفعاله الاختيارية مثل: الصلاة والصوم والحج وما شاكل ذلك.
وعلى الجملة: فلا مانع من أن يأمر الشارع بإيجاد أمر بشئ أو إيجاد نهي عن آخر، كما هو الحال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
الثاني: أن يكون قائما بالفعل الصادر من المأمور الثاني، فيكون الأمر الثاني ملحوضا على نحو الطريقية، من دون أن يكون له دخل في غرض المولى أصلا، ولذا لو صدر الفعل من المأمور الثاني من دون توسط أمر من المأمور الأول لحصل الغرض ولا يتوقف حصوله على صدور الأمر منه. فإذا ليس له شأن ما عدا كونه واقعا في طريق إيصال أمر المولى إلى هذا الشخص.
فهذا القسم في طرفي النقيض مع القسم الأول، فإن غرض المولى في القسم الأول متعلق بالأمر الصادر من المأمور الأول دون الفعل الصادر من الثاني، فيكون المأمور به هو الأمر فقط، وفي هذا القسم متعلق بالفعل دون الأمر، بمعنى:
أن المأمور به هو الفعل، والأمر طريق إلى إيصال أمر المولى إلى المكلف بهذا الفعل، وهذا القسم هو الغالب والمتعارف من الأمر بالأمر بشئ، لا القسم الأول.
الثالث: أن يكون الغرض قائما بهما معا، بمعنى: أن الفعل مطلوب من المأمور الثاني بالأمر من المأمور الأول، لا مطلقا بحيث لو اطلع المكلف من طريق آخر على أمر المولى من دون واسطة أمره لم يجب عليه إتيانه، فوجوب إتيانه عليه منوط بأن يكون اطلاعه على أمر المولى بواسطة أمره لا مطلقا، فإذا هذا القسم يكون واسطة بين القسم الأول والثاني.
ونقطة الفرق بين هذه الوجوه: هي أنه على الوجه الأول لا يجب الفعل على الثاني، لفرض أن غرض المولى يحصل من صدور الأمر من الأول، سواء صدر الفعل من الثاني أيضا أم لا، فإذا صدر الأمر منه فقد حصل الغرض.
وعلى الوجه الثاني يجب الفعل عليه ولو فرض أنه اطلع على أمر المولى به من طريق آخر غير الأمر من المأمور الأول.