وبكلمة أخرى: أن النزاع في المقام ليس في معقولية فعلية الحكم مع علم الحاكم بانتفاء موضوعه في الخارج وعدم معقوليتها ليقال: إن علم الآمر بوجود الموضوع خارجا وعدمه أجنبي عن ذلك بالكلية، ضرورة أن الملاك في فعلية الحكم - واقعا - فعلية موضوعه كذلك، بل النزاع في جواز أصل جعل الحكم مع العلم بانتفاء شرط فعليته وعدم جوازه. ومن الواضح أن هذا النزاع نزاع في أمر معقول.
ومن هنا يتبين: أن ما أفاده (قدس سره) - من أن الحكم في القضية الخارجية يدور مدار علم الحاكم وشروط الحكم، وأما نفس وجودها في الخارج أو عدمها فيه فهو أجنبي عن الحكم بالكلية - لا يتم أيضا، وذلك لأن علم الحاكم الذي له دخل في جعل هذا الحكم ليس علمه بما هو صفة نفسانية قائمة بها مع قطع النظر عما تعلق به من الموجودات الخارجية، ضرورة أن علمه بوجود شرطه في الخارج يدعو إلى جعل هذا الحكم، كما أن علمه بعدم وجوده فيه داع لعدم جعله فيما إذا لم يكن الغرض منه عدم تحقق شرطه وموضوعه كالأمثلة المتقدمة.
فإذا يقع الكلام في أنه هل يجوز للمولى أن يأمر عبده بفعل مشروطا بشئ مع علمه بانتفاء ذلك الشئ في الخارج وعدم تحققه فيه أصلا أم لا؟ ومن المعلوم أن النزاع فيه نزاع في أمر معقول.
وقد تحصل مما ذكرناه أمور:
الأول: انه لا فرق فيه بين القضية الحقيقية والقضية الخارجية، فهما من هذه الناحية على نسبة واحدة.
الثاني: أن الصحيح في المسألة: هو التفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط مستندا إلى نفس الجعل، وما إذا كان مستندا إلى عجز المكلف أو نحوه، كما سبق بشكل واضح.
الثالث: أنه لا ثمرة لهذه المسألة أصلا، ولا تترتب على البحث عنها أية