والوجه في ذلك هو: أن مفهوم الإجازة مفهوم تعلقي، فكما أنه يتعلق بالأمر الحالي فكذلك يتعلق بالأمر الماضي. وفي المقام بما أن إجازة المالك متعلقة بالعقد السابق إذ المفروض أنه أجاز ذلك العقد الواقع فضولة لا عقدا آخر. ومن المعلوم أن العقد بمجرد إجازته ينتسب إليه حقيقة، ولا مانع من انتساب الأمر السابق، وهو العقد بواسطة الأمر اللاحق وهو الإجازة، بداهة أن الانتساب والإضافة خفيف المؤنة فيحصل بأدنى شئ وأقل مناسبة، ولذلك أمثلة كثيرة في العرف والشرع ولا حاجة إلى بيانها، فإذا صار هذا العقد عقدا له من حين صدوره فلا محالة ينتقل ماله إلى الآخر من ذلك الحين. ومن هنا قلنا (1): إن الكشف بذاك المعنى مطابق للقاعدة، فلا يحتاج وقوعه في الخارج إلى دليل.
ولكن قد يتخيل أن الكشف بهذا المعنى غير ممكن، وذلك لاستلزامه كون المال الواحد في زمان ملكا لشخصين، لفرض أن هذا المال باق في ملك مالكه الأصلي إلى زمان الإجازة حقيقة، ومعه كيف يعقل أن يصير هذا المال ملكا للطرف الآخر في هذا الزمان بعينه بعد الإجازة؟ فيلزم اجتماع الملكيتين على مال واحد في زمان فارد، وهو غير معقول، لأنه من اجتماع الضدين على شئ واحد.
وغير خفي أن هذا خيال خاطئ جدا وغير مطابق للواقع يقينا، والوجه فيه:
ما ذكرناه غير مرة من أن الأحكام الشرعية جميعا أمور اعتبارية، ولا واقع موضوعي لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار، ولذا قلنا: إنه لا مضادة بينها في أنفسها، والمضادة بينها إنما هي من ناحية المبدأ أو المنتهى.
وعلى هذا الضوء: فبما أن في المقام زمان الاعتبار مختلف فإن زمان اعتبار بقاء هذا المال في ملك مالكه قبل الإجازة وزمان اعتبار كونه ملكا للآخر بعدها وإن كان زمان المعتبر فيهما واحدا فلا يلزم محذور التضاد، فإن محذور التضاد إنما يلزم فيما إذا كان زمان الاعتبار فيهما أيضا واحدا. وأما إذا كان متعددا - كما في المقام - فلا يلزم ذلك، ضرورة أنه لا مانع من أن تقتضي المصلحة