التمام كذلك. أو لو اختار أحدهم القصر في يوم والتمام في يوم آخر فالواجب عليه في اليوم الأول هو القصر، وفي اليوم الثاني التمام، وكذا الحال في كفارة شهر رمضان وما شاكلها.
فالنتيجة: هي أن وجوب الواجب في هذا الفرض واقعا تابع لاختيار المكلف في مقام الامتثال بحيث لا وجوب له قبل اختياره في الواقع ونفس الأمر. ويرده:
أولا: أنه مخالف لظواهر الأدلة الدالة على وجوب فعلين أو أفعال على نحو التخيير، ولا تعين لما هو الواجب على المكلف في الواقع ونفس الأمر، فما يختاره مصداق للواجب لا أنه الواجب بعينه.
وثانيا: أنه مناف لقاعدة الاشتراك في التكليف، ضرورة أن لازم هذا القول - كما عرفت - هو اختلاف التكليف باختلاف المكلفين، بل باختلاف حالاتهم.
ففي المثال المتقدم لو اختار أحدهم القصر - مثلا - والآخر التمام فيكون تكليف الأول واقعا هو القصر، والثاني هو التمام. أو لو اختار أحدهم صوم شهرين متتابعين - مثلا - والآخر عتق رقبة والثالث إطعام ستين مسكينا فيكون الواجب على الأول واقعا هو الصوم، وعلى الثاني العتق، وعلى الثالث الإطعام. ومن الواضح جدا أن هذا مناف صريح لقاعدة الاشتراك في التكليف التي هي من القواعد الضرورية. فإذا لا يمكن الالتزام بهذه النظرية أبدا.
وثالثا: أن لازم هذا القول أن لا يكون وجوب في الواقع عند عدم اختيار المكلف أحدهما وترك امتثاله وعصيانه، ضرورة أن الوجوب إنما يتحقق باختيار المكلف إياه في مقام الامتثال كما هو المفروض، وأما قبل اختياره فلا وجوب - واقعا - ليصدق عليه أنه تركه وعصاه فيستحق العقوبة.
وإن شئت فقل: إن لازم هذه النظرية هو: أن وجوب كل منهما في الواقع مشروط باختيار المكلف إياه في ظرف الامتثال، ولازمه هو: أنه لا وجوب له قبل اختياره، ضرورة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه، كما هو واضح.
فإذا لا موضوع للعصيان واستحقاق العقوبة عند ترك المكلف الإتيان بالجميع، ضرورة أن إيجاد الشرط غير واجب عليه، وهذا بديهي البطلان.