فإذا لا ثمرة لتلك المسألة أصلا وإن كان الصحيح هو تعلق الأوامر بالطبائع دون الأفراد، وتشهد على ذلك مراجعة الوجدان، فإن الانسان إذا راجع وجدانه يرى أنه إذا أراد شيئا تعلقت إرادته بطبيعي ذلك الشئ لا بحصة متشخصة منه، فلو طلب الماء - مثلا - يرى أن متعلق طلبه هو الطبيعي، من دون ملاحظة خصوصية خارجية فيه: ككونه في إناء خاص، أو من ماء مخصوص، أو ما شابه ذلك مما لا دخل له في مطلوبه.
وقد تحصل من ذلك أمور:
الأول: أن الكلي الطبيعي موجود في الخارج بوجود فرده.
الثاني: أن الأوامر متعلقة بالطبائع دون الأفراد.
الثالث: أنه لا ثمرة لهذا البحث أصلا، بل هو بحث علمي فلسفي.
الناحية الثانية: ما ذكره شيخنا الأستاذ (قدس سره) من أن مرد النزاع في هذه المسألة إلى أن الأوامر هل تتعلق بالطبائع مع قطع النظر عن مشخصاتها ولوازم وجوداتها في الخارج - بحيث تكون تلك اللوازم والمشخصات خارجة عن دائرة متعلقاتها، وإنما هي موجودة معها قهرا، لاستحالة كون الشئ موجودا بلا تشخص - أو تتعلق بالأفراد مع تلك المشخصات بحيث تكون المشخصات مقومة للمطلوب والمراد وداخلة في دائرة المتعلقات؟
فالقائل بتعلق الأمر بالطبيعة أراد تعلقه بذات الشئ مع قطع النظر عن مشخصاته بحيث لو تمكن المكلف من إيجاده في الخارج بدون أي مشخص وأوجده لسقط الأمر وحصل الغرض، لفرض أنه أتى بالمأمور به وما هو متعلق الأمر.
والقائل بتعلقه بالفرد أراد تعلقه بالشئ مع مشخصاته، فتكون مشخصاته أيضا مأمورا بها.
وعلى هذا فتظهر الثمرة بين القولين في باب اجتماع الأمر والنهي، وذلك