السادسة: قد تقدم أن مسألتنا هذه من المسائل الأصولية العقلية: لتوفر شروط المسألة الأصولية فيها، وليست من المسائل الكلامية أو الفقهية أو من المبادئ الأحكامية أو التصديقية كما مر.
السابعة: أن النزاع في المسألة في جواز الاجتماع أو امتناعه لا يبتني على وجود المندوحة في البين، لما عرفت من أن كلا من القول بالجواز والامتناع يرتكز على ركيزة أجنبية عن وجود المندوحة وعدم وجودها بالكلية، وهي وحدة المجمع وتعدده، فإن المجمع في مورد الاجتماع والتصادق إذا فرض أنه واحد حقيقة فلا مناص من القول بالامتناع، كانت هناك مندوحة أم لم تكن. وإذا فرض أنه متعدد كذلك فلا مناص من القول بالجواز، بناء على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من الملزوم - وهو متعلق النهي إلى لازمه - وهو ما ينطبق عليه متعلق الأمر.
الثامنة: قد سبق أن النزاع يعم جميع أنواع الإيجاب والتحريم ما عدا الإيجاب والتحريم التخييريين، فلا فرق بين كونهما نفسيين أو غيريين أو كفائيين، فإن ملاك استحالة الاجتماع في شئ واحد موجود في الجميع. واما خروج الإيجاب والتحريم التخييريين عن محل النزاع فلعدم إمكان اجتماعهما في شئ واحد كما عرفت، فتكون سالبة بانتفاء الموضوع.
التاسعة: أن النزاع في المسألة لا يختص بما إذا كان الإيجاب والتحريم مدلولين لدليل لفظي، ضرورة أنه يعم جميع أقسام الإيجاب والتحريم، سواء أكانا مدلولين لدليل لفظي أم لم يكونا.
العاشرة: أن مسألتنا هذه من المسائل العقلية، فإن الحاكم بالجواز أو الامتناع فيها إنما هو العقل، ولا صلة لها بعالم اللفظ أبدا، غاية الأمر أنها من العقليات غير المستقلة، وليست من العقليات المستقلة كما تقدم.
الحادية عشرة: أنه لا فرق في جريان النزاع في المسألة بين القول بتعلق الأحكام بالطبائع وتعلقها بالأفراد. وتوهم أنه على تقدير تعلقها بالأفراد لا مناص من القول بالامتناع فاسد، لما سبق بشكل واضح.