واحد، ولا يقول الخصم بجوازه كذلك، بل بالامتناع ما لم يكن بعنوانين وبوجهين فهو أيضا لابد له من التفصي عن إشكال الاجتماع فيها، سيما إذا لم يكن هناك مندوحة، كما في العبادات المكروهة التي لا بدل لها، فلا يبقى له مجال للاستدلال بوقوع الاجتماع فيها على جوازه أصلا كما لا يخفى) (1).
ونوضح ما أفاده (قدس سره) في عدة نقاط:
الأولى: أن الظاهر من هذه الموارد وإن كان اجتماع الحكمين في شئ واحد إلا أنه لابد من رفع اليد عن هذا الظاهر والتصرف فيه وتأويله من ناحية قيام الدليل القطعي على الامتناع واستحالة اجتماعهما في موضوع واحد، بداهة أن الظهور مهما كان لونه لا يمكن أن يصادم البرهان العقلي الذي قام على استحالة الاجتماع بمقتضى المقدمات المتقدمة.
الثانية: أن هذه الموارد التي توهم اجتماع حكمين فيها لشئ واحد خارجة عن مورد النزاع في المسألة.
والوجه في ذلك: هو أن النزاع فيها ما إذا كان الأمر متعلقا بعنوان كالصلاة - مثلا - والنهي تعلق بعنوان آخر كالغصب، وقد اتفق اجتماعهما في مورد واحد كالصلاة في الدار المغصوبة، فعندئذ يقع النزاع.
فالقائل بالجواز يدعي أن تعدد العنوان يكفي للقول بجواز الاجتماع، والقائل بالامتناع يدعي أنه لا يكفي، فالعبرة إنما هي بوحدة المعنون وتعدده، لا بوحدة العنوان وتعدده. وأما إذا فرض تعلق الأمر والنهي بشئ واحد بعنوان فهو خارج عن محل النزاع، ضرورة أنه لا يقول أحد بالجواز فيه حتى من القائلين به فضلا عن غيرهم، فإنهم إنما يقولون بالجواز فيما إذا فرض تعلق كل من الأمر والنهي به بعنوان، والمفروض أن في موارد العبادات المكروهة ليس الأمر كذلك، فإن النهي في تلك الموارد تعلق بعين ما تعلق به الأمر، لا بغيره، والفرق بينهما بالإطلاق والتقييد.