المادة في الخارج، وأما اتصافها بهذه الصفة فهو مشكوك فيه، فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب عدمه، للشك في انتقاض هذا العدم إلى الوجود، فنستصحب بقاءه على حاله، وبذلك نحرز أن مادة هذا الثوب لم تؤخذ من أجزاء ما لا يؤكل، فلا مانع - عندئذ - من إيقاع الصلاة فيه. وتمام الكلام في محله (1).
وأما تقريب جريانه على النحو الثاني في هذه المسألة هو: أن مادة هذا الثوب في زمان كانت موجودة، ولم تكن في ذلك الزمان جزءا لما لا يؤكل وهو زمان كونها نباتا - مثلا - ثم نعلم بانتقالها من الصورة النباتية وصيرورتها جزءا للحيوان، ولكن لا نعلم أنها صارت جزءا للحيوان غير المأكول أم لا، وحيث إنا نعلم بعدم كونها جزءا له في حال كونها نباتا، ثم بعد ذلك نشك في أنها صارت جزءا له أم لا، فعندئذ لا مانع من استصحاب عدم صيرورتها جزءا له، وبذلك نحرز أن مادة هذا الثوب ليست من أجزاء ما لا يؤكل.
ودعوى: أن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم انتقالها من الصورة النباتية وصيرورتها جزءا للحيوان المأكول خاطئة جدا، وذلك لأن هذا الاستصحاب غير جار في نفسه ليعارض الاستصحاب المزبور، لعدم ترتب أثر شرعي عليه إلا على القول بالأصل المثبت، فإن الأثر الشرعي - وهو صحة الصلاة - إنما يترتب على عدم كونها جزءا من غير المأكول، لا على كونها جزءا من المأكول، كما أن بطلانها إنما يترتب على كونها جزءا من غير المأكول، لا على عدم كونها جزءا من المأكول، وهذا واضح. فإذا لا وجه لهذه الدعوى أصلا.
فالنتيجة: هي أنه بناء على ما حققناه في تلك المسألة من جريان استصحاب العدم الأزلي فيها أو العدم النعتي بالتقريب المزبور لا تصل النوبة إلى الأصل الحكمي من أصالة البراءة أو الاشتغال. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه قد مر أن محل الكلام في المقام إنما هو فيما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي.