الاشتغال ولو قلنا بجريان البراءة في الشك في الأجزاء والشرائط في تلك المسألة.
والوجه فيه واضح، وهو: أنه مع احتمال غلبة المفسدة في الواقع - كما هو المفروض - لا يمكن قصد القربة كما هو واضح (1). هذا حاصل ما أفاده (قدس سره) مع توضيح منا.
ونحلل ما أفاده (قدس سره) إلى عدة نقاط:
1 - جريان أصالة البراءة عن الحرمة.
2 - إنه يكفي في الحكم بصحة الصلاة في الدار المغصوبة مجرد رفع هذه الحرمة بأصالة البراءة، ولا يحتاج إلى أزيد من ذلك.
3 - إن المقام غير داخل في كبرى مسألة الأقل والأكثر.
4 - إنه لو بنينا على أن المؤثر في المبغوضية الفعلية هو المفسدة الواقعية وإن لم تكن محرزة فلا يمكن الحكم بالصحة وقتئذ، لعدم إمكان التقرب بما يحتمل كونه مبغوضا للمولى.
أما النقطة الأولى: فلا إشكال فيها، لوضوح أن البراءة تجري، ولا مانع من جريانها أبدا كما هو ظاهر.
أما النقطة الثانية: فلا يمكن تصديقها بوجه، وذلك لأنه لا يكفي في الحكم بالصحة مجرد رفع الحرمة بأصالة البراءة، بل لابد من إحراز المقتضي له أيضا، وهو في المقام: إطلاق دليل المأمور به بالإضافة إلى هذا الفرد، والمفروض أنه قد سقط بالمعارضة، وعليه فلا مقتضي للصحة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أن أصالة البراءة عن الحرمة لا تثبت إطلاق دليل المأمور به واقعا وحقيقة ليتمسك به لإثبات صحة هذا الفرد وانطباق الطبيعة المأمور بها عليه - وهو الصلاة في الدار المغصوبة في مفروض الكلام - ليقيد به إطلاق دليل النهي بغير ذلك الفرد. والمفروض أن أصالة البراءة لا ترفع إلا الحرمة ظاهرا لا واقعا لتثبت لوازمها العقلية أو العادية.