وعلى الجملة: فالأمر في هذه الموارد تعلق بذات العبادات، والنهي تعلق بها بعنوان خاص: كالنهي عن الصوم في يوم عاشوراء، والنهي عن الصلاة في الحمام مثلا، فلم يتعلق الأمر بها بعنوان والنهي بعنوان آخر كانت النسبة بينهما عموما من وجه، فإذا تلك الموارد خارجة عن محل الكلام في المسألة.
الثالثة: أن القائلين بالجواز إنما يقولون به فيما إذا كانت هناك مندوحة، وأما إذا فرض أنه لا مندوحة في البين فلا يقولون بالجواز فيه أصلا. وعليه، فلا يمكن القول بالجواز في مثل صوم يوم عاشوراء والنوافل المبتدأة وما شاكلهما مما لا بدل له.
ولنأخذ بالنظر في هذه النقاط:
أما النقطة الأولى: فالأمر كما ذكره (قدس سره)، وذلك لما تقدم: من أن المعنون إذا كان واحدا وجودا وماهية في مورد الاجتماع فلا مناص من القول بالامتناع. وبما أن المعنون في موارد العبادات المكروهة واحد فلابد من التوجيه والتأويل بعد استحالة كون شئ واحد مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا.
وأما النقطة الثانية: فهي في غاية الصحة والمتانة، ضرورة أن أمثال هذه الموارد التي تعلق الأمر والنهي فيها بشئ بعنوان واحد خارجة عن محل النزاع في المسألة، كما تقدم الكلام في ذلك بشكل واضح (1).
وأما النقطة الثالثة: فيرد عليها ما تقدم: من أنه لا دخل لقيد المندوحة في جواز الاجتماع أصلا، لما عرفت من أن القول بالجواز يبتني على تعدد المجمع في مورد الاجتماع وجودا وماهية، فإذا كان متعددا كذلك لا مناص من القول به، سواء أكانت هناك مندوحة أم لا. كما أن القول بالامتناع يبتني على وحدة المجمع فيه، فإذا كان واحدا كذلك لا مناص من القول به، ولو كانت هناك مندوحة فلا دخل لقيد المندوحة، ولا لعدمه في جواز الاجتماع وعدمه أصلا.