إلا أن الغصب ليس من المقولات في شئ، بل هو مفهوم انتزاعي منتزع من مقولات متعددة كما أشرنا إليه. وعليه فيمكن اتحاده مع الصلاة فلنا دعويان:
الأولى: أن الصلاة مركبة من مقولات متعددة، والغصب ليس مقولة.
الثانية: إمكان اتحادهما في الخارج.
أما الأولى: فلأن الصلاة ليست حقيقة مستقلة ومقولة برأسها في قبال بقية المقولات كما هو واضح، بل هي مركبة من مقولات عديدة:
منها: الكيف المسموع: كالقراءة والأذكار.
ومنها: الكيف النفساني: كالقصد والنية.
ومنها: الوضع: كهيئة الراكع والساجد والقائم والقاعد. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه قد برهن في محله: أن المقولات أجناس عاليات ومتباينات بتمام ذاتها وذاتياتها، وعليه فلا يمكن أن يكون المركب من تلك المقولات مقولة برأسها، لاعتبار الوحدة في المقولة، ولا وحدة للمركب منها، ضرورة استحالة اتحاد مقولة مع مقولة أخرى: فإذا ليس للصلاة وحدة حقيقية، بل وحدتها بالاعتبار، ولذا لا مطابق لها في الخارج ما عدا هذه المقولات المؤلفة منها الصلاة.
وأما الغصب: فلأنه ممكن الانطباق على المقولات المتعددة. ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يكون من الماهيات الحقيقية، لما عرفت من استحالة اتحاد المقولتين واندراجهما تحت حقيقة واحدة، فلو كان الغصب من الماهيات المقولية لاستحال اتحاده مع مقولة أخرى وانطباقه عليها، لاستلزام ذلك تفصل شئ واحد بفصلين في عرض واحد واندراجه تحت ماهيتين نوعيتين، وهو محال فإذا لا محالة يكون من المفاهيم الانتزاعية، فقد ينتزع من الكون في الأرض المغصوبة الذي هو من مقولة الأين، وقد ينتزع من أكل مال الغير أو لبسه الذي هو من مقولة أخرى... وهكذا.
فالنتيجة: أنه لا يعقل أن يكون الغصب جامعا ماهويا لهذه المقولات، فلا محالة يكون جامعا انتزاعيا لها.