وقتئذ من امتثال كليهما معا، فإذا لابد من الرجوع إلى مرجحات باب المزاحمة.
ونتيجة ما ذكرناه هي: أنه على القول بالامتناع يترتب وقوع المعارضة بين دليلي الوجوب والحرمة في مورد الاجتماع، سواء أكانت هناك مندوحة أم لم تكن، فلا أثر لوجود المندوحة وعدم وجودها بالإضافة إلى هذا القول أصلا.
وعلى القول بالجواز يترتب وقوع المزاحمة بينهما إذا لم تكن مندوحة في البين لا مطلقا، كما عرفت.
وقد تحصل من ذلك: أنه إذا كانت مندوحة للمكلف في مقام الامتثال وجب عليه امتثال كلا التكليفين معا، لفرض أن كليهما فعلي في حقه - عندئذ - بلا أية مزاحمة. وأما إذا لم تكن مندوحة فتقع المزاحمة بينهما، وعندئذ لا يمكن توجيه كلا التكليفين معا إليه، لأنه من التكليف بالمحال، فلابد إذا من الرجوع إلى قواعد باب المزاحمة، فيقدم أحدهما على الآخر لمرجح إن كان، وإلا فهو مخير بين أن يصرف قدرته في امتثال هذا، وأن يصرف قدرته في امتثال ذاك، فعدم المندوحة في البين يوجب وقوع التزاحم بين التكليفين على القول بالجواز في المسألة، لا أنه يوجب عدم صحة النزاع فيها كما هو ظاهر.
التاسعة قد يتخيل أن النزاع في المسألة في الجواز والامتناع يبتني على القول بتعلق الأحكام بالطبائع دون الأفراد، بتقريب: أنه على القول بتعلق الأحكام بالأفراد والمصاديق لا مناص من الالتزام بالقول بالامتناع، ضرورة أنه لا يعقل أن يكون المجمع - وهو الفرد الواحد الخارجي - مصداقا للمأمور به والمنهي عنه معا ولم يقل أحد بجواز ذلك حتى القائل بجواز الاجتماع، وذلك لأنه إنما يقول به بدعوى: أن تعدد العنوان يوجب تعدد المعنون لا مطلقا. فإذا لا يعقل النزاع في المسألة على هذا القول، وهذا بخلاف ما إذا كان متعلق الأوامر والنواهي هو