اجتماع الأمر والنهي هاهنا جهات من البحث:
الأولى أن عنوان النزاع في هذه المسألة - على ما حرره الأصحاب قديما وحديثا - يوهم كون النزاع فيها كبرويا، بمعنى: أن موضوع المسألة اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد ومحمولها الجواز أو الامتناع، بمعنى: أن القائلين بجواز الاجتماع يدعون أنه لا مانع من اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد، بدعوى، أنه لا مضادة بينهما، ومعه لا مانع من اجتماعهما فيه. والقائلين بالامتناع يدعون استحالة اجتماعهما فيه، بدعوى: وجود المضادة بينهما. وعليه، فمرد النزاع في المسألة إلى دعوى المضادة بين الأحكام الشرعية بعضها مع بعض، وعدم المضادة. فعلى الأول لا مناص من القول بالامتناع. وعلى الثاني لابد من القول بالجواز.
والتحقيق: أن النزاع في هذه المسألة لا يعقل أن يكون كبرويا، بداهة استحالة اجتماع الأمر والنهي في شئ واحد مطلقا، حتى عند من يجوز التكليف بالمحال:
كالأشعري، وذلك لأن اجتماعهما في نفسه محال، لا أنه من التكليف بالمحال، ضرورة استحالة كون شئ واحد محبوبا ومبغوضا للمولى معا على جميع المذاهب والآراء فما ظنك بغيره؟