قدرته واختياره فلا محالة لا يتعلق التكليف بها فهذا ليس شرطا زائدا على أصل اشتراط التكليف بالقدرة.
وأما النقطة الخامسة - وهي: أن ماهية المبادئ بما أنها ماهية واحدة فهي محفوظة أينما تحققت وسرت - فهي إنما تتم في المبادئ المتأصلة والماهيات المقولية الحقيقية، ضرورة أنها لا تختلف باختلاف وجوداتها في الخارج، وتنطبق على تلك الوجودات جميعا بملاك واحد، ومحفوظة بتمام ذاتها وذاتياتها في ضمن كل واحد منها، لفرض أن الطبيعي عين فرده في الخارج، كما سنشير إلى ذلك في النقطة السادسة بشكل واضح.
وأما في المبادئ غير المتأصلة والماهيات الانتزاعية فهي لا تتم، وذلك لأنه لا مانع من انتزاع مفهوم واحد من ماهيات مختلفة ومقولات متعددة: كالغصب مثلا، فإنه قد ينتزع من مقولة الأين وهو: الكون في الأرض المغصوبة، وقد ينتزع من مقولة أخرى: كأكل مال الغير أو لبسه أو نحو ذلك. ومن المعلوم أن منشأ انتزاعه على الأول غير منشأ انتزاعه على الثاني، ضرورة أنه على الأول من مقولة، وعلى الثاني من مقولة أخرى. فإذا لا يلزم أن يكون منشأ انتزاعه ماهية نوعية واحدة محفوظة في تمام موارد تحققه لتكون نتيجته استحالة اتحاد المجمع في مورد اجتماعهما، كما هو الحال فيما إذا كانا من المبادئ المتأصلة والماهيات المقولية.
وعليه، فلابد من النظر في أن العنوانين منتزعان من ماهية واحدة أو من ماهيتين متباينتين. هذا إذا كان كلاهما انتزاعيا.
وأما إذا كان أحدهما انتزاعيا دون الآخر فلابد من النظر في أن منشأ انتزاعه متحد مع العنوان الذاتي المقولي خارجا أم لا. وقد عرفت أنه لا ضابط لذلك أصلا، ولأجل هذا ففي أي مورد كان المجمع واحدا نحكم بالامتناع، وفي أي مورد كان متعددا نحكم بالجواز (1).