في الخارج، غاية الأمر أنه إذا تركها امتنع عليه الحج فيدخل - عندئذ - في موضوع القاعدة، وهذا بخلاف الخروج فإنه لا ملاك له قبل إيجاد مقدمته وهي الدخول في الأرض المغصوبة، فيكون الدخول مما له دخل في تحقق الملاك فيه. وعلى هذا الضوء يمتنع دخول الخروج في كبرى تلك القاعدة كما هو ظاهر.
الثالث: أن مناط دخول شئ في موضوع القاعدة هو: أن يكون الإتيان بمقدمته موجبا للقدرة عليه ليكون الآتي بها قابلا لتوجيه التكليف إليه فعلا، وهذا كالإتيان بمقدمة الحج فإنه يوجب تحقق قدرة المكلف على الإتيان به وصيرورته قابلا لتوجيه التكليف به فعلا.
وأما إذا ترك المسير إليه ولم يأت بهذه المقدمة لامتنع الحج عليه ولسقط وجوبه، ولكن بما أن امتناعه منته إلى الاختيار فلا يسقط العقاب عنه، وهذا معنى كونه من صغريات تلك القاعدة.
وأما المقام فليس الأمر فيه كذلك، لأن الدخول وإن كان مقدمة إعدادية للخروج وموجبا للقدرة عليه إلا أنه يوجب سقوط الخطاب عنه، لا أنه يوجب فعلية الخطاب به.
والوجه فيه: ما ذكروه من أن المكلف في هذا الحال يدور أمره بين البقاء في الدار المغصوبة والخروج عنها، ومن المعلوم أن العقل يلزمه بالخروج مقدمة للتخلص عن الحرام، ولا يجوز له البقاء، لأنه تصرف زائد.
وعلى هذا، فلا محالة يضطر المكلف إلى الخروج عنها، ولا يقدر على تركه تشريعا وإن كان قادرا عليه تكوينا، ومعه لا يمكن للشارع أن ينهى عنه، ومن الطبيعي أن مثل هذا غير داخل في مورد القاعدة.
وإن شئت فقل: إن ما نحن فيه ومورد القاعدة متعاكسان، فإن إيجاد المقدمة فيما نحن فيه - أعني بها: الدخول في الأرض المغصوبة - يوجب سقوط الخطاب بترك الخروج، وفي مورد القاعدة يوجب فعلية الخطاب كما عرفت. فإذا كيف يمكن دخول المقام تحت القاعدة؟