القدرة على الحيازة بالإضافة إلى كليهما موجودة فعلا، ضرورة أن كلا منهما متمكن فعلا من حيازة هذا الماء في نفسه مع قطع النظر عن الآخر، وعدم كفاية الماء إلا لوضوء واحد إنما يكون منشأ لوقوع التزاحم بين فعلية حيازة هذا وذاك خارجا، لا بين القدرة على الحيازة، لما عرفت: من أنها فعلية بالإضافة إلى كليهما معا من دون أي تناف في البين.
وعلى الجملة: فبما أن بطلان التيمم في الآية المباركة أو نحوها منوط بوجدان الماء، وقد ذكرنا: أن المراد منه: القدرة على استعماله عقلا وشرعا، فلا محالة يبطل تيمم كل منهما، لفرض أنه واجد للماء ومتمكن من استعماله كذلك، وهذا لا ينافي وقوع التزاحم بين الخطابين في ناحية الوضوء خارجا، وذلك لفرض أن تيمم كل مكلف مشروط بعدم الوجدان، فإذا كان واجدا وقادرا على الاستعمال - لا محالة - يفسد تيممه، ولا فرق فيه بين وقوع التزاحم بين الخطابين في ناحية الوضوء وعدم وقوعه أصلا كما هو واضح (1).
ولنأخذ بالمناقشة على ما أفاده (قدس سره) وهي: أن هذين الشخصين لا يخلوان: من أن يتسابقا إلى أخذ هذا الماء المفروض وجوده، أم لا.
فعلى الأول: إن كان كل منهما مانعا عن الآخر - كما إذا فرض كون قوة أحدهما مساوية لقوة الآخر فتقع الممانعة بينهما والمزاحمة إلى أن يضيق الوقت فلا يتمكن واحد منهما من الوصول إلى الماء - فعندئذ لا وجه لبطلان تيممهما أصلا، ولا لبطلان تيمم أحدهما، لفرض عدم تمكنهما من استعمال الماء، وإذا كان أحدهما أقوى من الآخر فالباطل هو تيمم الأقوى دون الآخر. أما بطلان تيمم الأقوى فلفرض أنه واجد للماء فعلا، وأما عدم بطلان تيمم الآخر فلكشف ذلك عن عدم قدرته على الوضوء أو الغسل، وأنه باق على ما كان عليه من عدم الوجدان.
وعلى الثاني: فيبطل كلا التيممين معا.