الواقع عقليا لا شرعيا، وذلك لوضوح أن الواحد لا يكاد يصدر من الاثنين بما هما اثنان ما لم يكن بينهما جامع في البين، لاعتبار نحو من السنخية بين العلة والمعلول، وعليه فجعلهما متعلقين للخطاب الشرعي لبيان أن الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين.
وإن كان بملاك أنه يكون في كل واحد منهما غرض لا يكاد يحصل مع حصول الغرض في الآخر بإتيانه كان كل واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه إلا إلى الآخر، وترتب الثواب على فعل الواحد منهما والعقاب على تركهما، فلا وجه في مثله للقول بكون الواجب هو أحدهما لا بعينه مصداقا ولا مفهوما كما هو واضح - إلا أن يرجع إلى ما ذكرناه: فيما إذا كان الأمر بأحدهما بالملاك الأول من أن الواجب هو الواحد الجامع بينهما - ولا أحدهما معينا، مع كون كل واحد منهما مثل الآخر في أنه واف بالغرض (1).
أقول: ما أفاده (قدس سره) يرجع إلى عدة نقاط:
الأولى: أن الغرض في المقام إذا كان واحدا بالذات والحقيقة فلا محالة يكشف عن وجود جامع وحداني ذاتي بين الفعلين أو الأفعال بقاعدة " أن الأمور المتباينة لا يمكن أن تؤثر أثرا واحدا بالسنخ "، فوحدة الغرض هنا تكشف عن جهة جامعة حقيقية بينها، فيكون ذلك الجامع هو متعلق الوجوب بحسب الواقع والحقيقة وإن كان متعلقه بحسب الظاهر هو كل واحد منها، وعليه فيكون التخيير بينها عقليا لا شرعيا.
فالنتيجة: أن مرد هذه الفرضية إلى إنكار التخييري الشرعي كما لا يخفى.
الثانية: ما إذا كان الغرض متعددا في الواقع وكان كل واحد منه قائما بفعل، إلا أن حصول واحد من الغرض مضاد لحصول الآخر فلا يمكن الجمع بينهما في الخارج، فعندئذ لا مناص من الالتزام بوجوب كل منهما بنحو يجوز تركه إلى بدل لا مطلقا، ضرورة أنة بلا موجب ومقتض بعد فرض أن الغرضين المترتبين عليهما