الثاني: أن يكون نهيا نفسيا تحريميا، ولكن استفادة اعتبار قيد عدمي فيه - أي: في المأمور به - من ناحية مزاحمته مع المنهي عنه بمعنى: أن المكلف لا يتمكن من امتثال كليهما في الخارج فلا محالة تقع المزاحمة بينهما، وعلى هذا فبناء على تقديم جانب النهي على جانب الأمر لا محالة يقيد إطلاق المأمور به بغير هذا الفرد.
الثالث: هذه الصورة بعينها، ولكن استفادة التقييد ليست من ناحية مزاحمة المأمور به مع المنهي عنه، بل هو من ناحية الدلالة الالتزامية، بمعنى: أن النهي يدل على الحرمة بالمطابقة، وعلى التقييد بالالتزام.
أما النوع الأول: فلا إشكال في دلالته على الفساد، وذلك لأن مقتضى إطلاق هذا النهي: هو اعتبار هذا القيد العدمي في المأمور به مطلقا، وفي جميع أحوال المكلف، ولازم ذلك سقوط الأمر عنه عند انحصار الامتثال بالفرد الفاقد لهذا القيد، كما لو اضطر المكلف إلى لبس الحرير أو الذهب أو الميتة في الصلاة، هذا ما تقتضيه القاعدة. ولكن في خصوص باب الصلاة قد دل الدليل على عدم سقوطها بحال، ومرد هذا الدليل إلى إلغاء هذه القيود عند العجز وعدم التمكن من إتيانها.
وأما النوع الثاني - وهو: ما كان التقييد ناشئا عن مزاحمة المأمور به مع المنهي عنه - فلا يدل على الفساد، حتى فيما إذا تمكن المكلف من ترك الحرام بناء على إمكان الترتب وصحته، أو بناء على إمكان تصحيح العبادة بالملاك فضلا عما إذا سقطت الحرمة من ناحية الاضطرار كما في المقام، وذلك لأن سقوط الحرمة يستلزم سقوط التقييد لا محالة، لفرض أن منشأه ليس دليلا لفظيا له عموم أو إطلاق ليتمسك بعمومه أو إطلاقه لإثبات أنه باق ولم يسقط، بل منشؤه مزاحمة الحرمة مع الوجوب، فإذا سقطت الحرمة من ناحية الاضطرار ارتفعت المزاحمة، ومع ارتفاعها لا يعقل بقاؤه، بداهة أنه لا يعقل بقاء المعلول مع سقوط علته وارتفاعها.
وكذا الحال فيما إذا كانت الحرمة ثابتة في الواقع ولكنها غير منجزة، لوضوح