ومن ناحية أخرى: أنها لا تدل على أنه مطلوب في الوقت بنحو كمال المطلوب ليكون من قبيل الواجب في الواجب، وإلا لا نسد باب حمل المطلق على المقيد في تمام موارد القيود الثابتة بقرينة منفصلة، سواء كانت زمانا أو زمانية، إذ على هذا لابد من الالتزام بتعدد التكليف، وأن التكليف المتعلق بالمقيد غير التكليف المتعلق بالمطلق، غاية الأمر أن المقيد أكمل الأفراد.
مثلا: الأمر المتعلق بالصلاة مع الطهارة المائية، أو مع طهارة البدن، أو اللباس، أو مستقبلا إلى القبلة، أو ما شاكل ذلك غير الأمر المتعلق بها على إطلاقها، وعليه فلو أتى بالصلاة - مثلا - فاقدة لهذه القيود فقد أتى بالواجب وإن ترك واجبا آخر وهو الصلاة المقيدة بهذه القيود، ومن المعلوم أن فساد هذا من الواضحات الأولية عند الفقهاء، ولن يتوهم ذلك في تلك القيود.
ومن الطبيعي أنه لا فرق بين كون القيد زمانا أو زمانيا من هذه الناحية أصلا، ولذا لو ورد: " أعتق رقبة " مطلقا، وورد في دليل آخر: " أعتق رقبة مؤمنة " لا يتأمل أحد في حمل الأول على الثاني وأن مراد المولى هو المقيد دون المطلق، ولأجل ذلك لا يجزي الإتيان به.
وكيف كان فلا شبهة في أن ما دل على تقييد الواجب بوقت خاص: كالصلاة أو نحوها لا محالة يوجب تقييد إطلاق الدليل الأول، وينكشف عن أن مراد المولى هو المقيد بهذا الوقت دون المطلق، ولا فرق في ذلك بين كون الدليل الدال على التوقيت متصلا أو منفصلا، وهذا واضح.
فالنتيجة: أنه لا فرق بين القرينة المتصلة والقرينة المنفصلة، فكما أن الأولى تدل على تقييد الأمر الأول وأن مراد المولى هو الأمر بالصلاة - مثلا - في هذا الوقت لا مطلقا فكذلك الثانية تدل على ذلك. فإذا ليس هنا أمر آخر متعلق بالصلاة على إطلاقها ليكون باقيا بعد عدم الإتيان بها في الوقت على الفرض.
ولصاحب الكفاية (قدس سره) في المقام تفصيل آخر واليك نص كلامه: ثم إنه لا دلالة للأمر بالموقت بوجه على الأمر به في خارج الوقت بعد فوته في الوقت لو لم نقل