وتخيل: أن الجامع الانتزاعي لا يصلح أن يكون متعلقا للتكليف، ضرورة أن التكليف تابع لما فيه المصلحة أو المفسدة، ومن الواضح - جدا - أنه لا مصلحة في ذلك المفهوم الانتزاعي، والمصلحة إنما هي في فعل المكلف الصادر منه في الخارج، فإذا لا محالة يكون التكليف متعلقا به لا بالعنوان المزبور، وعليه فلابد من الالتزام بأحد الوجوه المزبورة خاطئ جدا، وغير مطابق للواقع، وذلك لعدم الطريق لنا إلى معرفة سنخ الغرض الداعي إلى إيجاب شئ أو تحريمه، ولا نعلم ما هو سنخه؟ نعم، نعلم من أمر الشارع بشئ أو نهيه عن آخر أن في الأول مصلحة تقتضي إيجابه، وفي الثاني مفسدة تقتضي تحريمه، ولكن لا نعلم سنخ تلك المصلحة وسنخ تلك المفسدة. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى: أنه يجب علينا التحفظ على ظواهر الأدلة وتعيين الحكم ومتعلقه بها.
ومن ناحية ثالثة: أنا نعلم أن الإتيان بمتعلق الوجوب في الخارج محصل للمصلحة الداعية إلى إيجابه، ولا يبقى مجال لها بعده.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي هي: أنه لابد من الالتزام بأن متعلق الوجوب في موارد الواجبات التخييرية هو العنوان الانتزاعي من جهة ظهور الأدلة في ذلك، ضرورة أن الظاهر من العطف بكلمة " أو " هو وجوب أحد الفعلين أو الأفعال، وعلى هدي ذلك نعلم أن الغرض الداعي إلى إيجابه قائم به، لفرض أنه لا طريق لنا إلى إحراز ما عداه، كما أنا نعلم بحصول هذا الغرض وتحققه في الخارج بإتيانه في ضمن أي من هذين الفعلين أو الأفعال شاء المكلف إتيانه فيه.
وبكلمة أخرى: أن المستفاد من الأدلة بحسب المتفاهم العرفي: هو أن متعلق الوجوب الجامع الانتزاعي، ومن الواضح أن مرد ذلك - بحسب التحليل العلمي - إلى عدم دخل شئ من خصوصية الطرفين أو الأطراف فيه.
ولتوضيح ذلك: نأخذ مثالا، وهو: ما إذا أوجب المولى إطعام ستين مسكينا أو صوم شهرين متتابعين أو عتق رقبة مؤمنة - كما في كفارة صوم شهر رمضان -