وعلى الثاني - وهو كون القرينة منفصلة - فلا تمنع عن إطلاق الدليل الأول الدال على وجوبه مطلقا في الوقت وفي خارجه، ضرورة أن القرينة المنفصلة لا توجب انقلاب ظهور الدليل الأول في الإطلاق إلى التقييد، بل غاية ما في الباب أنها تدل على كونه مطلوبا في الوقت أيضا.
فإذا النتيجة في المقام هي: تعدد المطلوب، بمعنى: كون الفعل مطلوبا في الوقت لأجل دلالة هذه القرينة المنفصلة، ومطلوبا في خارجه لأجل إطلاق الدليل الأول، وعليه فإذا لم يأت المكلف به في الوقت فعليه أن يأتي به في خارج الوقت، وهذا معنى تبعية القضاء للأداء.
ولنأخذ بالنقد على هذا التفصيل، وملخصه هو: أنه لا فرق فيما نحن فيه بين القرينة المتصلة والمنفصلة.
بيان ذلك: أن القرينة المتصلة كما هي تدل على التقييد وعلى كون مراد المولى هو المقيد بهذا الزمان كذلك القرينة المنفصلة، فإنها تدل على تقييد إطلاق دليل المأمور به وكون المراد هو المقيد من الأول، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا.
نعم، فرق بينهما من ناحية أخرى، وهي: أن القرينة المتصلة مانعة عن ظهور الدليل في الإطلاق، ومعها لا ينعقد له ظهور، والقرينة المنفصلة مانعة عن حجية ظهوره في الإطلاق دون أصله. ولكن من المعلوم أن مجرد هذا لا يوجب التفاوت بينهما في مفروض الكلام، ضرورة أنه لا يجوز التمسك بالإطلاق بعد سقوطه عن الحجية والاعتبار، سواء كان سقوطه عنها بسقوط موضوعها وهو الظهور - كما إذا كانت القرينة متصلة - أم كان سقوطه عنها فحسب من دون سقوط موضوعها، كما إذا كانت القرينة منفصلة، فالجامع بينهما هو: أنه لا يجوز التمسك بهذا الإطلاق.
وعلى الجملة: فالقرينة المنفصلة وإن لم تضر بظهور المطلق في الإطلاق إلا أنها مضرة بحجيته، فلا يكون هذا الظهور حجة معها، لفرض أنها تكشف عن أن مراد المولى هو المقيد من الأول، فإذا لا أثر لهذا الإطلاق أصلا. هذا من ناحية.