ذلك. وعليه، فهما دالان على ثبوت المقتضي والمناط في المورد، أعني: مورد الاجتماع والتصادق، وذلك لأن المانع من دلالتهما عليه إنما هو تعارضهما وتنافيهما بحسب مقام الإثبات والدلالة، وأما بعد علاجه بالجمع بينهما عرفا فلا مانع من دلالتهما عليه أصلا.
ولنأخذ بالمناقشة في هذه الخطوط:
أما الخط الأول: فلأنه يبتني على تسليم أن يكون المعتبر في باب الاجتماع هو كون المجمع مشتملا على مناط كلا الحكمين معا في مورد الاجتماع، لتستدعي الحاجة إلى إثبات ذلك في الخارج بدليل. ولكن قد عرفت منع ذلك في المقدمة الثامنة، وقلنا هناك: إن مسألة الاجتماع لا ترتكز على وجهة نظر مذهب دون آخر، بل تجري على وجهة نظر جميع المذاهب والآراء، وذلك لما تقدم: من أن المسألة تبتنى على ركيزة أخرى وتدور مدار تلك الركيزة، وهي: أن المجمع إذا كان واحدا وجودا وماهية فلابد من الالتزام بالامتناع، سواء فيه القول بتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد والقول بعدمها، وسواء أكان المجمع مشتملا على ملاك أم لم يكن. وإذا كان متعددا كذلك من ناحية ولم نقل بسراية الحكم من الملزوم إلى اللازم من ناحية أخرى فلابد من الالتزام بالجواز كذلك. ومن الواضح جدا أن تلك الركيزة لا تختص بمذهب دون آخر وبحالة دون أخرى، وأجنبية عن القول بالتبعية بالكلية، ضرورة أنه لا فرق في استحالة اجتماع الضدين بين وجهة نظر دون آخر كما هو ظاهر.
وأما الخط الثاني: فيقع الكلام فيه من ناحيتين:
الأولى: في بيان مراده (قدس سره) من الحكم الفعلي.
الثانية: في بيان مراده من الحكم الاقتضائي.
أما الناحية الأولى: فإن أراد (قدس سره) من الحكم الفعلي الحكم الذي بلغ إلى مرتبة البعث أو الزجر فقد ذكرنا غير مرة: أن بلوغ الحكم إلى تلك المرتبة يتوقف على