ودعوى: أنه لا يمكن انتزاع مفهوم واحد من مقولات متعددة وماهيات مختلفة - وعليه فلا يمكن انتزاع مفهوم الغصب من تلك المقولات - وإن كانت صحيحة ولا مناص من الالتزام بها إلا أن الغصب لم ينتزع من هذه المقولات بأنفسها، بل انتزاعه منها باعتبار عدم إذن المالك في التصرف بها، ضرورة أنة في الحقيقة منشأ لانتزاعه، لا نفس التصرف بها بما هو، والمفروض أنه واحد بالعنوان، وهذا ظاهر.
وأما الدعوى الثانية: فقد تقدم: أن العنوان الانتزاعي قد يتحد مع العنوان الذاتي المقولي، بمعنى: أن منشأ انتزاعه في الخارج هو ذلك العنوان الذاتي لا غيره، وفي المقام: بما أن عنوان الغصب انتزاعي فلا مانع من اتحاده مع الصلاة خارجا أصلا.
ولكن الكلام: في أن الأمر في الخارج أيضا كذلك أم لا؟ وهذا يتوقف على بيان حقيقة الصلاة التي: هي عبارة عن عدة من المقولات، لنرى أن الغصب يتحد مع هذه المقولات خارجا أو مع إحداها أو لا؟
فنقول: من هذه المقولات: مقولة الكيف النفساني، وهي: النية، فإنها أول جزء للصلاة بناء على ما حققناه في بحث الواجب التعبدي والتوصلي: من أن قصد القربة مأخوذ في متعلق الأمر، وليس اعتباره بحكم العقل (1)، ولا يشك أحد في أنها ليست تصرفا في مال الغير عرفا لتكون منشأ لانتزاع عنوان الغصب في الخارج ومصداقا له، ضرورة أن الغصب لا يصدق على الأمور النفسانية: كالنية والتفكر في المطالب العملية أو نحو ذلك من الأمور الموجدة في أفق النفس، وهذا من الواضحات الأولية فلا يحتاج إلى البيان.
ومنها: التكبيرة التي هي من مقولة الكيف المسموع، ولا شبهة في أنها ليست متحدة مع الغصب خارجا، ضرورة أنه لا يصدق على التكلم في الدار المغصوبة أنه تصرف فيها ليكون مصداقا للغصب ومنشأ لانتزاعه.